كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

أربعمائة"1.
لما كان اجتناب النواقض عليه مدار رحى ثبات التوحيد والإسلام، لأنه إذا اجتنبت النواقض التي تنقض عرى الإسلام عروة بعد عروة سلم الإسلام والتوحيد من النقص ودخل المجتنب في الذين ذكرهم الله في {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} . [فصلت: 30-32] . أتى الشيطان أكثر الناس لهذا الملمح في التغافل عنها حتى عفت رسومها وخفيت رسومها وضيعت هضابها وتحيرت طلابها فأعمى البصيرة ظن أن ليس للا إله إلا الله والإسلام ناقض فقعد عن السؤال عنها فطفق يصد الناس عن سائلها بأقاويل مموهة بالزينة الكاذبة والزخارف الباطلة وبجوابات منقشة بالأصباغ الخائبة والتصاوير الهائلة حتى أوردهم موارد الهلاك فلأجل ذلك أردت أن أذكر ما ذكره الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأئمة الدين الراسخون في العلم.
قال صاحب شرح الإقناع: باب حكم المرتد "وهو الذي يكفر بعد إسلامه نطقاً واعتقاداً أو شكًّا أو فعلاً لو لم يكن مميزاً فيصح ردته كإسلامه ويأتي طوعاً لا كرهاً" لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} . [النحل: 106] . ولو كان هازلاً لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} . [البقرة: 217] . وحديث ابن عباس مرفوعاً: "من بدل دينه فاقتلوه". رواه الجماعة غير
= وسقط أول الكلام. وحقه أن يقال: وأما نواقضها فكثيرة.
__________
1 كشاف القناع: 6/136-141 وانظر: الدرر السنية: 8/80.

الصفحة 131