كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

مسلم، وأجمعوا على وجوب قتل المرتد فمن أشرك بالله تعالى أو كفر بعد إسلامه كفر لقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} . [النساء: 48، 116] . أو جحد ربوبيته أو جحد صفة من صفاته اللازمة. قاله في الرعاية، لأنه كجاحد الوحدانية وفي "الفصول" يُشترط أن تكون الصفة مُتفقًا عليها، أو اتخذ لله صاحبة أو ولداً: كفر؛ لأنه تعالى نزه نفسه عن ذلك ونفاه عنه، أو ادعى النبوة أو صدّق من ادعاها بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه مكذّب بقوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} . [الأحزاب: 40] . ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نبي بعدي" 1. أو جحد نبيًّا مجمعاً عليه لأنه مكذّب لله وجاحد نبيًّا من أنبيائه الثابتة أو جحد كتاباً من كتب الله، أو شيئاً منها لأن جاحد البعض كجاحد الكل لاشتراك الكل من عند الله، أو جحد الملائكة أو واحداً مما ثبت أنه ملك لتكذبيه القرآن، أ, جحد البعث لتكذبيه الكتاب والسنة وإجماع الأمة، أو سب الله ورسوله كفر مطلقاً أو استهزأ بالله تعالى أو كتبه أو رسله لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} . [التوبة: 65، 66] . أو مبغضاً لرسوله أو لما جاء به اتفاقاً أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعاً لأن ذلك فعل عابدي الأصنام قائلين {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} . وقولهم {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} . أو سجد لغير الله، أو أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء بالدين الذي شرعه الله، أو وجد منه امتهان القرآن أو طلب تناقضه أو ادعى أنه مختلف أو مختلق أو مقدور على
__________
1 أخرجه البخاري (3706 و4416) ، مسلم (2404) من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعاً: "ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي". قاله لعلي رضي الله عنه.

الصفحة 132