كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

فإن عدمه؟ قال: فخمول سيرة، قال: فإن عدمه؟ قال: فصاعقة تحرقه وتريح العباد منه والبلاد.
قال علي -رضي الله عنه-:
إن الكمال بالأخلاق مطهرة ... فالعقل أولها والدين ثانيها
والعلم ثالثها واحلم رابعها ... والجود خامسها والعرف ساديها
والعين تعلم من عين محدثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها
والنفس تعلم أني لا أصدقها ... ولست أرشد إلا حين أعصيها
قال لقمان لابنه: لا تتم الحكمة في أحد حتى يكون في ثلاثة مقدماً ومؤخراً ومبرءاً عن ثلاثة ومؤهلا لثلاثة، أما اللواتي مقدماً فيها فالعقل والعلم والنطق، وأما اللواتي مؤخر عنها فالحدة والعجلة والحجاجة، وأما اللواتي يكون مبرءاً منها فالهوى والحسد والكذب، وأما اللواتي يكون مؤهلاً لها فالرفق والصبر والصمت، وقال: يا بني الحكمة والمروة مردهما إلى خشية الله تعالى وخشية الله هي الحكمة ولن تجد حكيماً يأتي بسوء أو ينطق بفحش وإنما يقول خيراً أو يصمت، وقال آخر:
يكفيك من عقل الفتى صمته ... وتركه ما ليس يعنيه
وقال لقمان: يا بني من حاسب نفسه فليس أحد يحاسبه، ومن عاقبها فليس أحد يعاقبه ومن لامها فليس أحد يلومه، وقال: من أصلح فاسده أرغم حاسده، ومن سعادة جدك وقوتك على حدك، حد العفاف الرضا بالكفاف، أجهل الناس من كان على السلطان مدلاَّ، وللإخوان مذلاًّ1.
ولو أردنا أن نذكر ما في الأدب لما وسعه المقام، واعلم أن
__________
1 هذا من كرم أبي الفتح البستي ما في: "طبقات الشافعية" للسبكي.

الصفحة 137