كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

رسول الله؟ فأنزل الله: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} . [المائدة: 89] .ذكره الكاشف1 في تفسير هذه الآية.
وعن أنس قال: "جاء ثلاثة رهط إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا بها تقالوها، فقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي أبداً، وقال الآخر: أنا أصوم النهار ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداَ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " أنتم الذين قلتم كذا وكذا، والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكن أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" 2. متفق عليه. فإذا كان اجتهاد الصحابة في ما لم يأمر به الله ولا رسوله خطأ وليس من الرسول إذا فعلوا ذلك، فكيف بزوائد ونقائص ما يفعلونه في هذا الزمان ويجعلونه سنة مطرودة بل أشد من السنة، لأنهم لا يُخِلُّون بالسنة، كيف يسوغ ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض: "عليكم بسنتي وسنة الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ وتمسكوا بها، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". فإنه صلى الله عليه وسلم قد عم ولم يخص بل قال: "كل بدعة ضلالة".
ومن أعجب العجاب من يترك شمس الضحى ويستنير بنور السهى، يترك قول الرسول المعصوم عن الخطأ والنسيان ويستدل بقول من يجوز عليه الزلة والهفوان، ولا يؤمن عليه من الذنوب والعصيان،
1 أي الزمخشري في: تفسيره الكشاف. ويظهر أن المؤلف –رحمه الله تعالى- تعوزه الكتب، فينقل من تفسير الزمخشري، والبيضاوي ما يعتقده حقَّا، دون ما وقعا فيه. والله المستعان.
__________
2 رواه البخاري (5063) ومسلم (1401) .

الصفحة 15