كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

يترك قول من فرض الله طاعته ويتعلق بقول من نهى الله تعالى أن يقبل قوله إلا بميزان الكتاب والسنة.
فلما تعلقوا بالآراء والأهواء وتركوا متابعة الشريعة كما هي وقعوا في الشرك والكفر والشقاق، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} . . [النور: 63] .
قال الإمام أحمد بن حنبل: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} . أتدري ما الفتنة؟ الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في شيء من الزيغ فيهلك.
هذا ولم تزل الحال على ما وصفنا من الأمور العظام إلى أن أراد الله إزالة البدع والضلالات ونفي الشبهات والجهالات على يد من أقامه هذا المقام –نعني به خلف السلف الكرام المتبع لهدي سيد الأنام شيخ الإسلام1- وذلك تصديق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". رواه أبو داود والحاكم والبيهقي في "المعرفة" وإسناده صحيح. فخصه الله في هذا الزمان بهذا الفضل العظيم –متبعة الكتاب والسنة وإزالة كل ضلالة وبدعة، أحسن الله له بجزيل الثواب- فإنه قد دعا إلى الله ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً، وكَبُرَ على المخالفين أمره فلم ينته عن ذلك حتى قيض الله له أنصاراً وأعوناً، وصنف رحمه الله التصانيف في بيان التوحيد الذي أرسلت به الرسل وأنزلت به الكتب لأجله، وبيان دين سيد المرسلين الذي بعث به صلى الله عليه وسلم، مستدلاً في ذلك بالآيات القرآنية والسنن النبوية،
__________
1 يعني/ الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي، المتوفى سنة 1206 –رحمه الله تعالى-.

الصفحة 16