كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

شرح الباب 4
باب في بيان ما يدل على أن الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله هو أحسن الأقوال وهو الطريقة المرضية عند الله وهو سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} . [فصلت: 33] . وقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} . [يوسف: 108] . والمخالف في هذا على أنواع منهم من يجهل الشريعة لغفلته عما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وأوامره ونواهيه فهو كما قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} . [الأعراف: 179] . فبين الله أن عدم معرفتهم سببه الغفلة عما أمر الله ورسوله. ومنهم من يعلم الشريعة ولكن تعلمها للدنيا والجاه والمنصب لا لله تعالى فهو كما قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ} . [هود: 15، 16] . وعن كعب بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من طلب العلم ليجازى به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار" 1. رواه الترمذي. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: "من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم بجد عرف الجنة يوم
__________
1 أخرجه الترمذي (2654) وقال الترمذي: غريب.

الصفحة 173