كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد
يعبد من دون الله فحينئذ "أعلمهم" بكسر اللام من باب الأفعال أعلم يعلم كأكرم يكرم "أن الله افترض عليهم خمس صلوات" بشروطها وأركانها وواجباتها "في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك" وأقاموا الصلاة الشرعية "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة" في أربعة أصناف من المال السائمة من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان والعروض "تؤخذ من أغنيائهم" بشروط خمسة: الإسلام والحرية وملك نصاب، وتمام الملك ومضي الحول "فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك" وأدوا الزكاة المشروعة "فاقبل منهم وإياك وكرائم أموالهم" في أخذ الزكاة بل توسط في الأمر فإن خير الأمور أوسطها "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه أي البخاري ومسلم في صحيحهما1 ولهما عن سهل بسن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه" 2.
قد أشعر هذا الحديث بل صرح منطوقاً ومفهوماً أن النصر والفتح ليس بالعدد والعديد ولا بالخيل والحديد بل إنما بالطاعة وامتثال لرب العبيد، أما ترى أنه صلى الله عليه وسلم ما قال: لأعطين الراية من معه كذا وكذا من العَدَد والعُدَد بل قال صلى الله عليه وسلم: إنه رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه، قال موسى بن عقبة: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة أو قريباً منها
__________
1 أخرجه البخاري (1458) ومسلم (19) .
2 أخرجه البخاري (3701) ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد.
الصفحة 181
498