كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

الشرح
قال الشيخ: كتاب التوحيد كتاب، مصدر كتب يكتب كتاباً بمعنى مكتوب، والتوحيد مصدر يوحد توحيداً، كصرف يصرف تصريفاً من الثلاثي مزيد فيه بتكرار العين وكتاب مضاف إلى التوحيد، والمجموع خبر لمبتدأ محذوف، أي هذا الكتاب في بيان التوحيد ووصفه وصفته وأنواعه، فأما بيانه مجملا فهو إفراد الله بالعبادة التي شرعها على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ونفي العبادة عما سواه، لا على ما ظنه ابن سينا أخذاً مما نسب إلى أرسطوا اليوناني أن التوحيد أن تجعل الإله الوجود المطلق مجرداً عن الأوصاف جميعها لا يعلم ولا يسمع ولا يبصر ولا يختار ولا يشاء, لكن هذا الوجود المطلق المجعول لها لا يفني أبداً. والشرك عندهم إثبات الصفات للإله، هذا توحيد ابن سينا والنصير الطوسي الملاحدة ومن تبعهم. ولا على ما ظنه ابن سبعين وأهل الاتحاد أن تجعل الكائنات بأسرها الله هو عينها لا غيرها ولا هنا عبد ورب وخالق ومخلوق. والشرك عندهم أن الوجود اثنين: رب وعبد. ولا على ما ظنه الجهم ومن تبعه من أهل تعطيل التوحيد نفي الصفات التي وصف الله نفسه بها في القرآن كالعلو والكلام ونحوهما، والشرك عندهم إثبات الصفات لله، وهؤلاء مع ابن سينا يتوافقون في الشرك، وقولهم فيه واحد سواء، لكن اختلفوا في التوحيد عند ابن سينا الوجود المطلق هو الإله مجرداً عن الصفات، وهؤلاء عندهم الإله الذات المجرد عن الصفات فتأمل. ولا على ما ظنه الجبرية أن التوحيد عندهم أن الله فاعل الأفعال التي تصدر من الإنسان كلها طاعة أو فسوق، قبيح أو حسن، شرك أو كفر، نافق أو إيمان، والعبد كالميت ما له فعل، بل هو مجبور على ما يصدر منه، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيراً.

الصفحة 28