كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

شرح الباب 66
باب ما جاء في بيان أن الناس مِنْ ظُلْمِهِم وجَهْلِهِم ما قدروا الله حق قدره
الذي هو أهله ويستحقه بل إنهم فعلوا به تعالى بنقيض ما هو لازم عليهم، عقلاً، ونقلاً، وأصلاً، وفرعاً، كما في الحديث الإلهي: "أنا والثقلين في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري، أرزق ويشكر غيري، خيري إليهم نازل وشرهم إلي صاعد" 1. الحديث.
فمن ظلمهم وجهلهم تفرقوا واختلفوا وفرقوا دينهم وكانوا شيعاً على غير هدي كل حزب بما لديهم فرحون، ولم يلتفتوا إلى ما هو أولى وألزم عليهم من اتباع أمر سيدهم وعدم مخالفته ومشاققته، بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم، فمنهم من أذعن بالصانع الخلاق بالجنان وجحده باللسان ظلماً وعلوًّا كفرعون ونمرود، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} .
ومنهم من أذعن بالجنان وأقر باللسان وشهد بالربوبية وأشرك في الألوهية كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} .
ومنهم من يجعل الله خالق الخير ويجعل الشر أهْرَمَنْ يعني الشيطان منزهاً الله عن الشر بزعمهم، ووقعوا في شر من ذلك وهو جعل خالقين في الكون سبحانه وتعالى، فهم كانوا كالمستجير من الرمضاء إلى النار كالمجوس وأشباههم.
ومنهم من أنكروا قضاء الله وقدره كالقدرية الذين يقولون لا دخل لقدرة الله في أفعال العباد وتبعهم الجهمية على ذلك.
__________
1 عزاه السيوطي في الجامع إلى الحكيم والبيهقي في الشعب من حديث أبي الدرداء.

الصفحة 487