كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

الشرعية، وما كان من ذلك، كالتلاوة، وصلاة الكسوف، وصلاة الاستخارة، وما ورد من الأذكار والأدعية الشرعية في ذلك، وهذا يدخل في أمور كثيرة، وفي ذلك من الصفات ما يطول وصفه، وكذلك يدخل في الصيام الشرعي، كصيام نصف الدهر، وثلثه، أو ثلثيه، أو عُشره، وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ويدخل فيه الجهاد على اختلاف أنواعه، وأكثر الأحاديث النبوية في الصلاة والجهاد، ويدخل فيه قراءة القرآن على الوجه المشروع.
والعبادات البدنية وأصولها: الصلاة، الصيام، والقراءة، التي جاء ذكرها في الصحيحين في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص لما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "ألم أُحَدَّث أنك قلت لأصومن النهار ولأقومن الليل ولأقرأن في ثلاث"؟، قلت: بلى، قال: "فلا تفعل فإنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النفس"، ثم أمره بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يوم وفطر يوم، فقال: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: "لا أفضل من ذلك"، وقال: "أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأفضل القيام قيام داود كان نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه"، وأمره أن يقرأ القرآن في سبع1. ولما كانت هذه العبادات هي المعروفة قال في حديث الخوارج الذي في الصحيحين: "يحقر أجدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" 2. فذكر اجتهادهم بالصلاة، والصيام، والقراءة، وأنهم يغلون
__________
1 رواه البخاري (1131 و1153 و1974-1980) وفي مراضع أخر، ومسلم (1159) .
2 رواه البخاري (5058 و6163 و6931 و6933) ومسلم (1064) (148) وقوله: "وقراءته مع قراءتهم" أخرجه مسلم (1066) (156) من حديث علي رضي الله عنه.

الصفحة 52