كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

:لا إله إلا الله" والخاصة "الله الله" وذكر خاصة الخاصة "هو هو" والذكر بالاسم المنفرد، مظهراً أو مضمراً، بدعة في الشرع، وخطأ في القول واللغة، فإن الاسم المجرد ليس هو كلاماً، لا إيماناً ولا كفراً، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الكلام بعد القرآن وهي من القرآن: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" 1. وفي حديث آخر: "أفضل الذكر لا إله إلا الله" 2. والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثرة صحيحة، وأما الاسم المفرد بدعة لم تشرع، وليس هو بكلام يعقل، ولا فيه إيمان، ولهذا صار بعض من يأمر به من المتأخرين منهم يبيّن أنه ليس قصدنا ذكر الله، ولكن جمع القلب على شيء معين، حتى تستعد النفس لما يرد عليها. فكان يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرات، ويخيل إليه أنه صار في الملأ الأعلى، وأنه أعطي ما لم يعط محمد صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، ولا موسى يوم الطور، -ثم ذكر كلاماً طويلاً في تنوع هؤلاء والرد عليهم إلى أن قال-: وأما قصد الصلاة، والدعاء، والعبادة، في مكان لم يقصد الأنبياء فيه الصلاة والدعاء والعبادة، بل روي أنهم مروا به، أو نزلوا فيه أو سكنوه، فهذا لم يكن ابن عمر ولا غيره يفعله، وأبلغ من ذلك إذا رأى أحدهم في المنام بمكان أن يقصد الصلاة والدعاء والعبادة في ذلك المكان فهذا لم يفعله أحد من السلف، بل قد نقل أن أقواماً قصدوا الشجرة التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه تحتها، فأمر عمر فقطعت.
__________
1 رواه مسلم (2137) (12) عن سمرة بن جندب مرفوعاً بلفظ: "أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" وعلقه البخاري (7/293) بصيغة الجزم بلفظ: "أفضل الكلام أربع ... ".
2 أخرجه الترمذي (3383) ، وابن ماجه (3800) ، وفي سنده موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، صدوق يخطىء كما في "التقريب".

الصفحة 54