كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

تعالى؛ فإنه لا يفيد الملك بالكلية، ومعنى كون الحق الله: أنه لا يسقط رضا المتعاقدين عليه. وإن كان النهي عنه لحق آدمي معين، بحيث يسقط برضاه، فإنه يقف على رضاه به، فإن رضي لزم العقد واستمر الملك، وإن لم يرض به فله الفسخ، فإن كان الذي يلحقه الضرر لا يعتبر رضاه بالكلية، كالزوجة والعبد في الطلاق والعتاق؛ فلا عبرة برضاه وبسخطه. وإن كان النهي رفقاً بالمنهي خاصة لما يلحقه من المشقة، فخالف وارتكب المشقة، لا يبطل بذلك عمله. فأما الأول فله صور كثيرة منها: نكاح من يحرم نكاحه، إما لعينه كالمحرمات على التأبيد بسبب أو نسب، أو للجمع، أو لفوات شرط لا يسقط بالتراضي بإسقاطه، كنكاح المعتدة المحرمة، والنكاح بغير ولي، ونحو ذلك. وقد روي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم فرَّق بين رجل وامرأة تزوجها وهي حبلى" 1،فردّ النكاح لوقوعه في العدة. وأما الثاني، فله صور عديدة منها: إنكاح الولي من لا يجوز له إنكاحها بغير إذنها، ومنها: بيع المدلس ونحوه، كالمصرّاة، وبيع النَّجْش، وتلقي الركبان، ونحو ذلك. وفي صحته كله اختلاف مشهور. وذهب طائفة. وأما الثاني، فله صور عديدة منها: إنكاح الولي من لا يجوز له إنكاحها بغير إذنها، ومنها: بيع المدلس ونحوه، كالمصرّاة، وبيع النَّجْش، وتلقي الركبان، ونحو ذلك. وفي صحته كله اختلاف مشهور. وذهب طائفة إلى بطلانه وردّه، والصحيح أنه يصح، ويقف على إجازة من حصل له ظلم بذلك". انتهى كلامه ملخصاً2.
ولما استدل الشيخ -رحمه الله- بما فيه أتم بيان لموجب خلق الجن والإنس، بدأ بما فيه أكمل وضوح لموجب إرسال الرسل.
تفسير الآية الثانية:
قال -رحمه الله تعالى-: وقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا
__________
1 أخرجه أبو داود (2131) من حديث رجل من الأنصار يقال له بُصرة، وسنده مضطرب.
2 جامع العلوم والحكم لابن رجب (177-185) .

الصفحة 61