كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

الربوبية، بل إن الكفار مقرون بالربوبية، كما حكى الله تعالى عنهم قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} . [الزخرف: 9] . وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} . [يونس: 31] . وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} . [المؤمنون: 86،87] . وقوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} . [المؤمنون: 84،85] . وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ, سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} . [المؤمنون: 88،89] .
الخامسة: أن اجتناب الطواغيت فرض وحق على العباد، كما أن عبادة الله فرض وحق على العباد، ولا يتم التوحيد إلا باجتناب الطواغيت، كما قال تعالى عن إمام الحنفاء: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ, إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} . [الزخرف: 26،27] . وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} . [الممتحنة:4] . هذا بل الكفر بالطواغيت مقدم على الإيمان بالله عقلاً ونقلاً، أما النقل؛ فقد قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا} . [البقرة: 256] . وأما العقل؛ فمعلوم بالضرورة أن الصبغ لا يؤثر في المتدنس والمتوسخ من كل نوع حتى ينظف، أما ترى الصفارين والصباغين أكثر جهدهم في زوال الأعراض المانعة من الصبغ؟ وهي الأدناس والأوساخ، فكذلك الدين والإيمان ينبغي أن

الصفحة 63