كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

يزال عن القلوب الأوساخ التي وقعت عليها، من عبادة الطواغيت، وحبها أولاً، ثم يصبغ بصبغة الله تعالى وهو التوحيد والإخلاص، قال تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} . [البقرة: 138] .
قال البيضاوي في تفسيره: سناه صبغة لأنه ظهر أثره عليهم ظهور الصبغ على المصبوغ، وتداخل في قلوبهم الإيمان تداخل الصبخ الثوب انتهى. وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم.
السادسة: أن دعوتهم في أصل الدين واحدة، ولا تغاير بين دعوتهم، ولا تخالف بين كلمتهم إلا في الفروع، وهي الشرائع، قال تعالى: {جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} . [المائدة: 48] . وقال صلى الله عليه وسلم: "نحن الأنبياء أولاد علات أبونا واحد وأمهاتنا متفرقة" 1.
تفسير الآية الثالثة: ثم استدل الشيخ -رحمه الله تعالى- على التوحيد بحكم الله الذي حكم به على عباده من فوق سبع سموات قال -رحمه الله تعالى-: وقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} الآية أي وحكم ربكم عليكم أن لا تعبدوا إلا إياه كقوله: {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} . [طه: 72] . أي احكم ما أنت حاكم، لا بمعنى قدّر، ولو أنه بمعنى قدر ما أشرك أحد، كما في الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "إني سألت أن لا يهلكهم بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم فقال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد" 2. الحديث.
__________
1 رواه البخاري (3443) ومسلم (2365) بنحوه.
2 رواه مسلم (2889) .

الصفحة 64