كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

كشف الكربات، ودفع الملمات أهل القبور؟ وقد نبه الله على ذلك، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} . [النحل: 19-22] .
المثل السادس: لو أن عبيد مملكة تحت ملك قاهر ما لهم من الأمر شيء إلا ما يأتيهم من تحت تصريف الملك وأمره، فيسأل بعضهم بعضاً مما في خزائن الملك، فهل يجوزه العقل؟ بل ينكره ويستقبحه؛ لأنهم لا يقدرون على نفع أنفسهم، فضلاً عن غيرهم، فإذا كان هذا يستقبح إذا سأل بعضهم بعضاً مما في خزائن ملك مخلوق مثلهم، فكيف بمن يسأل مخلوقاً حيًّا، أو ميتاً مما في خزائن الله تعالى، مما لا يقدر عليه إلا الله؟ مثل كشف الضر وتحويله قال تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} . [الشورى: 12] . وقال تعالى: {قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} . [الأحزاب: 17] . فهو المتفرد بالخلق والأمر والتدبير والملك {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} . [يس: 83] . وقد نبه الله تعالى على مثل هذا المثل قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} . [الأعراف: 194] . فطوبى لعبد ذكر الله ولم يغفل عنه تعالى حتى يحصل رضى الله والجنان قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} . [الأحزاب: 35] . وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} . [الأنفال: 2] . وخاب عبد نسي ربه قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . [الحشر: 19] .

الصفحة 71