كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

راحلته" 1.متفق عليه، وقوله: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون" 2. الحديث.
فإن الفرقة الناجية، -أهل السنة والجماعة- يؤمنون بذلك، كما أخبر الله به في كتابه من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. وهم وسط في باب صفات الله تعالى، بين أهل التعطيل الجهمية، وأهل التمثيل المشبهة. وهم وسط في باب أفعال الله تعالى، بين القدرية والجبرية. وفي باب وعيد الله، بين المرجئة وبين الوعيدية من القدرية وغيرهم. وفي باب الإيمان والدين، بين الحرورية وبين المعتزلة وبين المرجئة والجهمية. وفي أصحاب رسول الله، بين الروافض وبين الخوارج.
ومن الإيمان بالله وكتبه: أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ولا يجوز إطلاق القول بأنه حكاية من كلام، أو عبارة، بل إن قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك من أن يكون كلام الله سبحانه حقيقة؛ فإن الكلام إنما يضاف حقيقة إلى من قاله مبتدئاً لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً، وهو كلام الله حروفه ومعانيه، ودخل في الإيمان به وبكتبه وبرسله الإيمان بأن المؤمنين يرونه يوم القيامة عياناً بأبصارهم. ومن الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بكل ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فيؤمنون بفتنة القبر، وبعذاب القبر، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، والمرتاب يقول:
__________
1 رواه البخاري (4205 و6610) . ومسلم (2704) عن أبي موسى الأشعري. وفي الباب عن أبي ذر وأبي هريرة ومعاذ بن جبل.
2رواه البخاري (554 و4851 و7434 و7435) ، ومسلم (633) (212) من حديث جرير بن عبد الله البجلي.

الصفحة 90