كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

آه آه لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته فيضرب بمزربة من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، وفي الحشر تعاد الأرواح إلى أجسادهم فتقوم الناس حفاة عراة وتدنو الشمس منهم، ويلجمهم العرق، وينصب الميزان للأعمال فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون وينشر الدواوين أي: الصحائف، كما قال تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً} . [الإسراء: 13] . وكل يجازى بعمله إن خيراً فخير، وإن شراًّ فشر، وفي عرصة القيامة الحوض المورود لمحمد صلى الله عليه وسلم، والصراط على متن جهنم يمر الناس على قدر أعمالهم فمن مر على الصراط دخل الجنة. وأول من يستفتح باب الجنة محمد صلى الله عليه وسلم وأول من يدخل من أمم أمته التابعين لسنته.
وفي القيامة ثلاث شفاعات:
الأولى: في أهل الموقف حتى يقضى بينهم.
الثانية: في أهل الجنة أن يدخلوها وهاتان الشفاعتان خاصتان له.
والثالثة: فيمن استحق النار فهذه له ولسائر الأنبياء والصديقين وغيرهم؛ فيشفع فيمن استحقها أن لا يدخلها وفيمن دخلها أن يخرج منها، ويخرج أقواماً من النار بغير شفاعة؛ بل بفضله ورحمة منه، ويبقى فضل في الجنة فينشئ الله أقواماً فيدخلهم الجنة.
وتؤمن الفرق الناجية بالقدر خيره وشره وهو على درجتين، الأولى: الإيمان بأن الله علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، وفي اللوح مقادير الخلائق، فما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن

الصفحة 91