كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

ما لا يغفر لمن بعدهم فكيف بالأمور التي هم مجتهدون؟ إن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور. ثم القدرية ينكرون فعل بعضهم وخطؤهم مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح، فمن نظر بعين البصيرة علم أنهم خير القرون1، كما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم طريق الفرقة الناجية اتباع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، وابتاع سبيل السابقين الأولين من الأنصار والمهاجرين، واتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" 2.
ويقدمون كلام الله على غيره من أصناف الكلام، ويقدمون هدي النبي على هدي كل أحد، ولهذا سُمُّوا: أهل الكتاب والسنة، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، ويرون إقامة الحج، والجهاد، والجُمع، والأعياد، مع الأمراء، أبراراً، وفجاراً. ويحافظون على الجماعات، ويدينون بالنصيحة وأنهم: "كالبنيان يشد
__________
1 رواه البخاري (2651) ومسلم (2535) من حديث عمران بن حصين مرفوعاً "خيركم قرني ... ". واللفظ للبخاري.
2 أخرجه الإمام أحمد (4/126-127) وأبو داود (4607) والترمذي (2678) وابن ماجه (43) وغيرهم من حديث العرباض بن سارية، وصححه الترمذي وإسناده صحيح.

الصفحة 94