كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

بعضه بعضاً" 1. أو: "كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" 2. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. ويأمرون ببرِّ الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين، وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخيلاء، والبغي والاستطالة على الخلق بغير حق، ويأمرون بمعالي الأخلاق ومكارمها، ومحاسن الأعمال، وينهون عن سفاسفها، وهم في ذلك متبعون للكتاب والسنة، وفيهم الصديقون، والشهداء، والصالحون، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى، وهم الطائفة المنصورة التي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة" 3. فنسأل الله العظيم المنان أن يجعلنا منهم، وأن لا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ويهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب. انتهى كلام الشيخ ابن تيمية -رحمه الله- في العقيدة، عقيدة الفرقة الناجية إلا أني اكتفيت عن تعداد الدلائل بالدليل الواحد اختصاراً.
شرح حديث معاذ
ثم استدل الشيخ -رحمه الله- على توحيد الألوهية؛ بحديث معاذ المصرِّ بحقيْن؛ حق فرضي لزومي، وهو حق السيد الخالق المدبر المربي بالنعم على العبد، وحق تفضلي، وهو حق العبد على المولى إذا قام بأمره واجتنب نواهيه:
قال -رحمه الله تعالى-: وعن معاذ بن جبل قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: "يا معاذ أتدري ما حق الله على
__________
1 أخرجه البخاري (2446) ومسلم (2585) من حديث أبي موسى الأشعري
2 رواه البخاري (6011) ومسلم (2586) من حديث النعمان بن بشير.
3 رواه البخاري (3640 و7311 و 7459) ومسلم (1921) من حديث المغيرة بن شعبة، وفي الباب عن معاوية وجابر وعقبة بن عامر.

الصفحة 95