كتاب فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد

العباد؟ " 1. قلت: قوله صلى الله عليه وسلم: ما حق الله على العباد؟ مستفهماً مشعر بالتفخيم والتعظيم، وهو كذلك، وكيف لا؟ وهو الله الذي خلقهم أولاً من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة ثم صوره فأحسن صوره؛ فخلق العظام ثم كسا العظام لحما ثم نفخ فيه الروح طوراً بعد طور في ظلمات ثلاث: ظلمة الصلب، وظلمة البطن، وظلمة الرحم، ثم أخرجك من أضيق المكان وجعل فيك قوة الغاذية واستخدم لها أربع قوى:
قوة الجاذبية للمنافع، بمعنى: أنه يجذب كل عرق من العروق حقه من الشراب والطعام بعد الطبخات الثلاث.
والثانية: قوة الماسكة، أي يمسك الشراب والطعام في المعدة مدة الطبخ المقدرة على التراتيب المقدرة.
والثالثة: قوة الهاضمة تهضم الأشياء وتنقلها من حال إلى حال، ولولا ذلك لما حصلت المنفعة.
الرابعة: قوة الدافعة، تدفع الفضلات المضرة بعدما يؤخذ قوتها ونفعها بأمر الملك القيوم، واستخدم لها الله تعالى من فضله الواسع كيفيات أربع: الحرورة، والبرودة، والرطوبة، واليبوسة، ولولا ذلك لما اعتدل الطبع والمزاج، فالحرورة تدفع ضرر البرودة، والبرودة تفع ضرر الحرورة، والرطوبة تدفع ضرر اليبوسة واليبوسة تدفع ضرر الرطوبة.
وركبت فيك المدركات العشر: خمس في الظاهر، وخمس في الباطن.
أما اللواتي في الظاهر فهي: قوى خمس؛ كالجواسيس التي
__________
1 أخرجه البخاري (128 و129 و2856 و5967 و6267 و6500) ومسلم (30) .

الصفحة 96