كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 5)

أو بقراً له خوارٌ، أو شاةٌ تيعر)). ثمَّ رفعَ يديه حتى رأينَا عُفرَتي إِبطيه، ثمَّ قال: ((اللهمَّ هل بلغتُ؟ اللهمَّ هل بلغتُ)). متفق عليه. قال الخطَّابي: وفي قولِهِ: ((هلا جلسَ في بيت أمِّه أو أبيه، فينظُرَ أيُهدى إِليه أم لا)) دليلٌ علي أنَّ كلَّ أمرٍ يُتذرِّعُ به إلي محظورٍ فهو محظور، وكلَّ دخيلٍ في العقودٍ يُنظُر: هل يكون حكمُه عند الانفرادِ كحكمهِ عند الاقترانِ أم لا؟ هكذا في ((شرح السُّنَّة)).
1780 - وعن عَديّ بن عَميرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من استَعملناهُ منكُم علي عملٍ فكتَمنَا مخيطاً فما فوقه؛ كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة)) رواه مسلم.
الفصل الثاني
1781 - عن ابن عبَّاس، قال: لما نزلت هذه الآية: {والذين يكنزونَ الذَّهبَ والفضَّة} كبُرَ ذلكَ علي المسلمين. فقالَ عمر: أنا أفَرِّجُ عنكم،، فانطلق فقال: يا نبيَّ الله إِنَّهُ كبُرَ علي أصحابِكَ هذه الآية، فقال: ((إِنَّ اللهَ لم يفرضِ الزكاةَ إِلا ليُطيبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كلون عفر الأرض وهو وجهها.
((مظ)): المعنى: من سرق شيئاً في الدنيا من مال الزكاة أو غيرها يجيء يوم القيامة وهو حامل لما سرق، إن كان حيواناً له صوت رفيع؛ ليعلم أهل العرصات حاله، لتكون فضيحته أشهر. أقول: ذهب إلي أن قوله: ((له رغاء)) جزاء للشرط، وهي جملة اسمية تجب فيها الفاء. وقد تحذف. وأنشد الدار الحديني:
بنىي ثعل لا تنكعوا العنز شربها ... بني ثعل من ينكع العنز ظالم
أي فهو ظالم، النكع: المنع، والشرب: الحظ من الماء.
الحديث التاسع عن عدى بن عميرة - بفتح العين: قوله: ((مخيطاً)) المخيط بكسر الميم وسكون الخاء، الإبرة، والفاء في ((فما فوقه)) للتعقيب علي التوالي و ((ما فوقه)) يحتمل أن يكون المراد به الأعلي أو الأدون، كما في قوله تعالي {ما بعوضة فما فوقها}.
وإيراد هذا الحديث في باب الزكاة علي سبيل الاستطراد، وذلك لأنه لما ذكر حديث ابن اللتبية، وذكر إنكار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((فإني أستعمل رجالاً منكم علي أمور مما ولإني الله))

الصفحة 1479