كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 5)

1783 - وعن جريرِ بن عبدِ الله، قال: جاءَ ناس - يعني من الأعراب - إلي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: إِنَّ ناساً من المصدِّقين يأتونا فيظلمونا. فقال: ((أرضوا مصدِّقَيكم)) قالوا: يا رسولَ اللهِ وإِنْ ظلمونا؟! قال: ((أرضوا مصدِّقيكم وإِنْ ظُلمتُم)) رواه أبو داود. [1783]
1784 - وعن بشير بنِ الخصاصيَّة، قال: قلنا: إِنَّ أهلَ الصدقِة يعتدونَ علينا، أفنَكتُم من أموالِنا بقدرِ ما يعتدون؟ قال: ((لا)) رواه أبو داود.
1785 - وعن رافعِ بن خديج، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((العاملُ علي الصدقةِ بالحقِّ كالغازي في سبيل الله حتى يرجعَ إِلي بيتِه)) رواه أبو داود، والترمذي. [1785]
1786 - وعن عمروِ بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا جَلَب ولا جَنَب، ولا تُؤخَذُ صدقاتهمِ إِلا في دورِهم)) رواه أبو داود. [1786]
1787 - وعن ابنِ عمر، قال: قال: رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((من استفادَ مالاً فلا زكاةَ فيه حتى يحولَ عليهِ الحول)) رواه الترمذي، وذكر جماعةً أنَّهُم وقَفوهُ علي ابنِ عُمر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ظالمون، وليسوا بذلك؛ فقوله: ((فإن عدلوا، وإن ظلموا)) مبنى علي هذا الزعم، ولو كانوا ظالمين في الحقيقة، كيف يأمرهم بالدعاء لهم بقوله: ((وليدعوا لكم))؟ وعلي هذا قوله في الحديث الآتي: ((أرضوا مصدقيكم وإن ظلمتم))؛ ولأن لفظة ((إن)) الشرطية هنا تدل علي الفرض والتقدير لا علي الحقيقة، ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم: ((اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي)). وأما المظهر لما عمم الحكم في جميع الأزمنة، قال: كيفما يأخذون الزكاة لا تمنعوهم وإن ظلموكم؛ لأن مخالفتهم مخالفة السلطان؛ لأنهم مأمورون من جهته، ومخالفة السلطان تؤدي إلي الفتنة وثورانها. وفيه بحث؛ لأن العلة لو كانت هي المخالفة لجاز الكتمان، لكنه لم يجز لقوله في الحديث الآتي: ((أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون؟ قال: لا)).
الحديث الثالث إلي الخامس عن رافع بن خديج: قوله: ((حتى يرجع)) إذا جعل غاية للمشبه لم يفد فائدة ما؛ لأن وجه التشبيه هو سعي الساعي والغازي في تحصيل بيت المال للمسلمين. وفيه: أن الساعي كالغازي الغانم، وليس كالغازي الشهيد.
الحديث السادس عن عمرو بن شعيب: قوله: ((لا جلب ولا جنب)) ((نه)): الجلب يكون في شيئين، أحدهما في الزكاة، وهو أن يقدم المصدق علي أهل الزكاة، فينزل موضعاً، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهي عن ذلك وأمر أن تؤخذ صدقاتهم

الصفحة 1482