كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 5)

1788 - وعنِ عليِ رضي الله عنه: أنَّ العباسَّ سألَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقةٍ قبل أن تحُلَّ؛ فرخَّصَ لهُ في ذلك. رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي. [1788]
1789 - وعن عمرو بنِ شعيب، عن أبيهِ، عن جدِّه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطبَ النَّاس فقال: ((ألا من ولي يتيماً لهُ مالٌ فليَتَّجر فيه، ولا يتركْهُ حتى تأكلًه الصدقةُ)). رواه الترمذي، وقالَ في إِسنادهِ مقال؛ لأنَّ المثَّنى بنَ الصباح ضعيف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
علي مياههم وأماكنهم. الثاني يكون في السياق، وهو أن يتبع الرجل فرسه، فيزجره ويجلب عليه، ويصبح حثاً علي الجري، فنهي عن ذلك. الجنب – بالتحريك - في السباق: أن يجنب فرساً إلي فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلي المجنوب. وفي الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة يأمر بالأموال أن تجنب إليه أي تحضر، فنهوا عن ذلك. وقيل: هو أن يجنب رب المال بماله، أي يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلي الإبعاد في اتباعه وطلبه.
أقول: كلا اللفظين مشتركان في معنى السباق والزكاة، والقرينة لإرادة الثاني قوله: ((ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم)) علي سبيل الحصر؛ لأنه كنى به عنهما؛ فإن أخذ الصدقة في دورهم لازم لعدم بعد الساعي عنها، فيجلب إليه، ولعدم بعد المزكي؛ فإنه إذا بعد عنها لم [يؤخذ] فيها.
الحديث السابع عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((وذكر جماعة)) كلام الراوي الترمذي، أي سمي الترمذي جماعة بأسمائهم أنهم وقفوا هذا الحديث عن ابن عمر، أي لم يرفعه ابن عمر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في المتن بل وقفه، وقال: ((من استفاد مالا)) الحديث.
الحديث الثامن والتاسع عن عمرو بن شعيب: قوله: ((فليتجر فيه)) والأصل فليتجر به، كقولك: كتبت بالقلم؛ لأنه عدة للتجارة، فجعله ظرفاً للتجارة ومستقرها، كقوله تعالي: {وأصلح لي ذريتي} أي أوقع الصلاح فيهم. وفائدة جعل المال مقراً للتجارة أن لا ينفق من أصل المال، بل يخرج النفقة من الربح، وإليه ينظر قوله تعالي: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم- إلي قوله {وارزقوهم فيها}.
قوله: ((حتى تأكله الصدقة)) أي تنقصه وتفنيه؛ لأن الأكل سبب للإفناء، أو استعارة حيث جعل الصدقة مشابهة للطاعم، ونسب إليها من لوازم المشبه به- وهو الأكل- مبالغة في كمال الإفناء.
قوله: ((المثنى بن الصباح ضعيف)) ((تو)): لأن في روايته تدليساً، وتعمية، وإيهاماً. وذلك: أنه يحتمل أن يروى هو عن شعيب، وشعيب عن أبيه، وهو عن عبد الله جد شعيب، وهو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويحتمل: أن عمراً يرويه عن أبي شعيب وهو عن جده، فلا يكون متصلا.

الصفحة 1483