كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 6)

2735 - وعن عبد الله بن عمر في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة: ((رأيت امرأة سوداء، ثائرة الرأس، خرجت من المدينة حتى نزلت مهيعة، فتأولتها: أن وباء المدينة نقل إلي مهيعة وهي الجحفة)) رواه البخاري.
2736 - وعن سفيان بن أبي زهير [رضي الله عنه] قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لوكانوا يعلمون. ويفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خيرٌ لهم لوكانوا يعلمون .. ويفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)) متفق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وعندي إذخر وجليل
وهل أردن يومًا مياه مجنة وله يبدون لي شامة وطفيل
فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((اللهم حبب إلينا المدينة)).
قوله: ((فاجعلها بالجحفة)) ((مح)): قال الخطابي وغيره: كان ساكنو الجحفة في ذلك الوقت يهودًا. وفيه دليل علي جواز الدعاء علي الكفار بالأمراض والأسقام والهلاك، والدعاء للمسلمين بالصحة وطيب بلادهم والبركة فيها وكشف الضر والشدائد عنهم، وفيه إظهار معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الجحفة من يومئذ محمةٌ، فمن شرب من مائها حم.
الحديث الثامن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم)) أي قال لي حديث رؤيا النبي في شان المدينة ((رأيت امرأة سوداء)) فيكون قوله: ((رأيت امرأة سوداء)) حكاية حكاها ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: ((مهيعة)) ((تو)): مهيعة هي الجحفة، وأرض مهيعة أي مبسوطة، وبها كانت تعرف، فلما ذهب السيل بأهلها سميت جحفة. والوباء مرض عام، وأرض موبوءة إذا كثر مرضها، والوباء يمد ويقصر، وكانت الجحفة بعد رؤياه هذه أكثر أرض الله وباء، ومنها غدير خم أو خم البلاد ماء وهواء، وقد ذكر عن الأصمعي أنه قال: لم يولد بغديرخم أحد فعاش إلي أن يحتلم إلا أن يتحول منها.
((مح)): الوباء الموت الذريع، ويطلق أيضًا علي الأرض الوخمة التي تكثر بها الأمراض، لا سيما للغرباء. فإن قيل: كيف قدموا علي الوباء، وفي الحديث الصحيح النهي عن القدوم إلي الوباء؟ أجاب القاضي أن هذا القدوم كان قبل النهي، أو أن النهي عنه إنما هو في القدوم علي الوباء الذريع والطاعون، وما كان في المدينة إنما هو من القبيل الثاني، يدل عليه قوله: ((وانقل حماها)) في الحديث السابق.
الحديث التاسع عن سفيان: قوله: ((يبسون)) ((نه)): يقال: بست الناقة وأبستها، إذا سقتها

الصفحة 2057