كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)

3965 – * وعن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أساري بدر: ((لو كان المطعم بن عدى حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له)). رواه البخاري.
3966 - وعن أنس: أن ثمإنين رجلاً من أهل مكة هبطوا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين، يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سلماً، فاستحياهم. وفي رواية: فأعتقهم، فأنزل الله تعالي {وهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ} رواه مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأسير وحبسه وإدخال الكافر المسجد. وفيه إذا أراد الكافر الإسلام يبادر به ولا يؤخره للاغتسال، ولا يحل لأحد أن يأذن له في تأخيره، ومذهبنا أن اغتساله واجب، إن كان عليه جنابة في الشرك كان اغتسل منها أم لا. قال بعض أصحابنا: إن اغتسل قبل الإسلام أجزأه، وإن لم يكن عليه جنابة فالغسل مستحب. وقال أحمد وآخرون: يلزمه الغسل. وفي تكرير سؤاله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تأليف لقلبه، والملاطفة لمن يرجى إسلامه من الأسارى الذين يتبعهم علي الإسلام كثير من الخلق والله أعلم.
الحديث السادس عن جبير: قوله: ((المطعم بن عدي)): ((قض)): هو مطعم بن عدي بن نوفل ابن عبد مناف ابن عم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له يد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجاره حين رجع من الطائف وذب المشركين عنه، فأحب أنه كان حياً فكافأه عليها بذلك. ويحتمل أنه قد أراد تطييب قلب ابنه جبير وتأليفه علي الإسلام. وفيه تعريض بالتعظيم لشأن الرسول صلى الله عليه وسلم وتحقير حال هؤلاء الكفرة، من حيث أنه لا يبالي بهم ويتركهم لمشرك كانت له عنده يد. و ((نتني)) جمع نتن بالتحريك بمعنى منتن كهرمي وزمني، وإنما سماهم ((نتني)) إما لرجسهم الحاصل من كفرهم علي التمثيل؛ أو لأن المشاركة إليه أبدانهم وجيفهم الملقاة في قليب بدر.
الحديث السابع عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((غرة النبي)) ((مح)): أي غفلته. و ((سلما)) ضبطوه بوجهين: أحدهما بفتح السين واللام وبإسكان اللام مع كسر السين وفتحها. قال الحميدي: معناه الصلح، قال القاضي: هكذا ضبطه الأكثرون، قال: والرواية الأولي أظهر أي أسرهم. وجزم الخطابي علي فتح السين واللام، قال: والمراد به الاستسلام والإذعان، كقوله تعالي: {وأَلْقَوْا إلَيْكُمُ السَّلَمَ} أي الانقياد، وهو مصدر يقع علي الواحد والاثنين والجمع. قال ابن الأثير: هذا هو الأشبه بالقضية؛ فإنهم لم يؤخذوا صلحاً وإنما أخذوا قهراً وأسلموا

الصفحة 2742