كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)

الفصل الثالث
3976 - عن ابن عمر، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلي بني جذيمة، فدعاهم إلي الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل ويأسر، ودفع إلي كل رجل منا أسيره، حتى إذا كان يوم أمر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: ((وأبي أن يردهم)) من قول الراوي معترض بينهما علي سبيل التاكيد.
((تو)): وإنما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه عارضوا حكم الشرع فيهم بالظن والتخمين. وشهدوا لأوليائهم المشركين بما ادعوه أنهم خرجوا هربا من الرق لا رغبة في الإسلام، فكان حكم الشرع فيهم أنهم صاروا بخروجهم من دار الحرب مستعصمين بعروة الإسلام أحرارا، وكانت معاونتهم لأوليائهم تعاونا علي العدوان.
((خط)): في إن عبدا لأهل الحرب لو دخل دار الإسلام مسلما فهو حر، ولا يجوز رده إليهم, ولو أن العبد غلب علي سيده في دار الحرب ثم خرج به إلينا مسلمين، ويد العبد ثابتة علي السيد كان السيد مملوكا والمملوك مالكا، ولو خرج إلينا وفي يده عبد له فأسلما قبل أن نقدر عليهما، فالحكم السابق مقرر علي ما كان.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((حتى إذا كان يوم)) معناه محذوف و ((كان)) تامة، أي دفع إلينا الأسير وأمرنا بحفظ إلي يوم يأمرنا بقتله، فلما وجد ذلك اليوم أمرنا بقتلهم. وكذا ((حتى)) في قوله: ((حتى قدمنا)) فإن التقدير: لا يقتل رجل من أصحابي أسيره، بل يحفظه حتى يقدم إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظنا حتى قدمنا. وقوله: ((إني أبرأ إليك)) ضمن ((أبرأ)) معنى أنهي فعداه بـ ((إلي)) أي أنهي إليك براءتي وعدم رضائي من فعل خالد، نحو قولك: أحمد إليك فلانا.
((خط)): إنما نقم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالد موضع العجلة، وترك التثبت في أمرهم إلي أ، يستبين المراد من قولهم: صبأنا؛ لأن الصبأ معناه الخروج من دين إلي دين؛ وكذلك كان المشركون يدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم الصابئ، وذلك لمخالفته دين قومه، فقولهم: صبأنا صبأنا يحتمل أن يراد به خرجنا من ديننا إلي دين آخر غير الإسلام من يهودية أو نصرإنية أو غيرهما. فلما لم يكن هذا القول صريحا في الانتقال إلي دين الإسلام نفذ خالد فيهم القتل؛ إذ لم توجد شريطة حقن الدم بصريح الاسم. وقد يحتمل أنه ظن إنما عدلوا عن اسم الإسلام أنفة من الاستسلام والانقايد.
أقول: ولعل الاحتمال الثاني أوجه؛ لأن صبأ كلام ذو وجهين؛ فإنه إذا نظر في اللغة لم

الصفحة 2750