كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)
3986 - وعن أبي قتادة، قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فضربته من ورائه علي حبل عاتقه بالسيف، فقطعت الدرع، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب، فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم رجعوا وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((من قتل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الغنيمة فيء والجزية فيء ومال أهل الصلح فيء والخراج فيء؛ لأن ذلك كله مما أفاء الله علي المسلمين من المشكرين، وعند الفقهاء كل ما يحل أخذه من أموالهم فهو فيء.
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فلم تحل)) الفاء عاطفة علي كلام سابق لرسول الله صلى الله عليه وسلم علي هذا، ولفظة ((قال)) للراوي يوضحه حديث أبي هريرة في الفصل الثالث، والمشار إليه بـ ((ذلك)) ما في الذهن يبينه الخبر. وهو استقرار حل يوجبه الضعف والعجز. ((مظ)): ((ذلك)) إشارة إلي تحليل الله الغنائم.
الحديث الثاني عن أبي قتادة: قوله: ((جولة)) ((نه)): يقال: جال واجتال إذا ذهب وجاء، ومنه الجولان في الحرب، والجائل الزائل عن مكانه.
((تو)): أي الصحابي كره لهم لفظ الهزيمة فكنى عنها بالجولة. ولما كانت الجولة مما لا استقرار عليه. استعملها في الهزيمة؛ تنبيها علي أنهم لم يكونوا استقروا عليها.
((مح)): وإنما كانت الهزيمة من بعض الجيش، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة معه فلم يزالوا، والأحاديث الصحيحة في ذلك مشهورة. ولم يرو أحد قط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انهزم في موطن من المواطن، بل ثبت فيها بإقدامه وثباته في جميع المواطن. وحبل العاتق ما بين العنق والكتف، وريح الموت استعارة من أثره أي وجدت منه شدة كشدة الموت.
قوله: ((ما بال الناس؟)) يحتمل وجهين: أحدهما: ما بالهم منهزمين فكان جوابه: أمر الله، أي كان ذلك من قضاء الله وقدره. وثإنيهما: ما بال الناس؟ أي ما حال المسلمين بعد الإنهزام؟ فكان جوابه: أمر الله غالب - أي النصرة للمسلمين.
ومعنى قوله: ((ثم رجعوا)) علي الأول: ثم رجع المسلمون بعد الهزيمة. وعلي الثاني: رجعوا بعد انهزام المشركين، وينصر الثاني قوله: وجلس النبي صلى الله عليه وسلم .... إلي آخره. قوله: ((قتيلا)) أوقع القتل علي المقتول باعتبار مآله، كقوله تعالي: {أَعْصِرُ خَمْرًا}.
الصفحة 2756
4467