كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)

إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما قرابتنا وقرابتهم واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد هكذا)) وشبك بين أصابعه. رواه الشافعي. وفي رواية أبي داود، والنسائي نحوه وفيه: ((إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد)). وشبك بين أصابعه. [4027]
الفصل الثالث
4028 - عن عبد الرحمن بن عوف، قال: إني واقف في اصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم! هل تعرف أبا جهل؟ قلت:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن قلت: من أي قبيل هو من فن البيان؟ قلت: من فن التعريض علي سبيل الكناية، فإنهم قد يعبرون عن المسمى بالمجلس والجانب والمكان إجلالا له وتنويها لشأنه وأنشد في معناه لزهير:
فعرض إذا ما جئت بالباب والحمى وإياك أن تنسى فتذكر زينبا
سيكفيك من ذاك المسمى إشارة فدعه مصونا بالجمال محجبا
ونظيره مثلك يجود بمعنى أنت تجود لا يريدون بالمثل الشبيه والنظير، وإنما المراد من هو بمنزلته من الأريحية والسماحة يجود. قوله: ((إخواننا)) يجوز النصب علي شريطة التفسير يعني أعطيت إخواننا. وقوله: ((من بين المطلب)) حال، والرفع علي الابتداء و ((من بني المطلب)) خبره ((وأعطيتهم)) هو المستخبر عنه والجملة موطئة.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن عبد الرحمن: قوله: ((بين أضلع منهما)) ((نه)): أي بين رجلين أقوي من الرجلين الذين كنت بينهما وأشد. أقول: لعله لما رأي نفسه بين الغلامين وهما حديثا السن، استشعر وتمنى أن يكون بين أقوى منهما يدل عليه ((فغموني)) لأن الغمز العصر والكبس باليد. قوله: ((سوادي سواده)) أي شخصي شخصه، وفيه استهانة لنفسه وأنه يفيدها لله))، وفداء في رسوله صلى الله عليه وسلم ((حتى يموت الأعجل منا)) أي الأقرب منا أجلا. وقوله ((لم أنشب)) أي لم أمكث. وقوله: ((صاحبكما)) يجوز أن يكون منصوبا بدلا من ((هذا)) أي ألا تنظران إلي صاحبكما، وأن يكون مرفوعا علي أن يكون ((هذا)) مبتدأ وهو خبره. ((وتريان)) مفوله لا يقدر إذ المراد إيجاد الرؤية كقوله تعالي: {قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} الكشاف: ترك المفعول غير مذكور؛ لأن الغرض هو الفعل لا المفعول. وقوله: ((كلاكما قتله)) أفرد الضمير في ((قتله)) نظرا إلي لفظه ((كلا)) كما في قوله تعالي: {كِلْتَا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا}.

الصفحة 2775