كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)

ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((إلا أنا علي منازلنا)) مستثنى من أعم عام المفعول له, أي لشيء من الأشياء إلا أنا علي منازلنا. و ((من كتاب الله)) حال من ((منازلنا)) أي حاصلة منه.
((تو)): كان رأي عمر رضي الله عنه أن الفيء لا يخمس وأن جملته لعامة المسلمين يصرف في مصالحهم لا مزية لأحد منهم علي أحد في أصل الاستحقاق وإنما التفاوت في التفاصيل بحسب اختلاف المراتب والمنازل, وذلك إما بتنصيص الله تعالي علي استحقاقهم كالمذكورين في الآية, وخصوصا منهم من كان من المهاجرين والأنصار؛ لقوله تعالي: {لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ} الآيتان. ولقوله تعالي: {والسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنصَارِ} أو بتقديم الرسول وتفضيله, إما لسبق إسلامه, وإما لحسن بلائه أي سعيه وعنائه في سبيل الله, وإما لشدة احتياجه وكثرة عياله.
وقوله: ((فالرجل وقدمه)) بكسر القاف أي الرجل وقدمه يعتبران كقولهم: الرجل وضيعته, والفاء تفصيلية لقوله: ((إلا علي أنا منازلنا من كتاب الله عز وجل وقسم رسوله)) والسرو من ناحية اليمن, وإنما أضافه إلي حمير؛ لأنه محلتهم, وذكر سرو حمير لما بينه وبين المدينة من المسافة الشاقة, وذكر الراعي مبالغة في الأمر لذي أراده؛ وذلك لأن الراعي يشغله الرعية عن طلب حقه, ثم إنه غامض في الناس قلما يعرف أو يؤبه به. وأراد بقوله: ((لم يعرق فيه جبينه)) أنه يأتيه عفوا صفوا لم يمازجه كد ولم يكدر منه.
((حس)): ذهب عمر رضي الله عنه إلي أن هذه الآيات مسوق بعضها مع بعض وأن جملة الفيء لجميع المسلمين يصرفها الإمام إلي مصالحهم علي ما يراه من الترتيب وهو قول عامة أهل الفتوى.
واختلفوا في التفضيل علي السابقة والنسب, فذهب أبو بكر رضي الله عنه لي التسوية بين الناس, ولم يفضل بالسابقة حتى قال عمر رضي الله عنه: أتجعل الذين جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم, وهاجروا من ديارهم كمن دخل في الإسلام كرها؟ فقال: إنما عملوا لله, وإنما أجورهم علي الله وإنما الدنيا بلاغ. وكان عمر رضي الله عنه يفضل بالسابقة والنسب, فكان يفضل عائشة علي حفصة ويقول: إنها كانت أحب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم منك, وأبوها كان أحب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك.
وعن ابن عمر أنه قال: فرض عمر لأسامة بن زيد أكثر مما فرض لي, فقلت: إنما هجرتي وهجرته واحدة, قال: إن أباه كان أحب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك, وإنه كان أحب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم منك, وإنما هاجر بك أبوك. ومال الشافعي إلي التسوية وشبه بالميراث يسوى

الصفحة 2800