كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)
((لا يتخلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية)). رواه الترمذي، وأبو داود. [4087]
4088 - وعن أبي الدرداء، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل المجثمة وهي التي تصبر بالنبل. رواه الترمذي. [4088]
4089 - وعن العرباض بن سارية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير، وعن لحوم الحمر الأهلية، وعن المجثمة، وعن الخليسة، وأن توطأ الحبلى حتى يضعن ما في بطونهن. قال محمد بن يحيى: سئل أبو عاصم عن المجثمة، فقال: أن ينصت الطير أو الشيء فيرمى، وسئل عن الخليسة، فقال: الذئب أو السبع يدركه الرجل فيأخذ منه، فيموت في يده قبل أن يذكيها. رواه الترمذي. [4089]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويقع على الإثم والحرام. وقيل: أضيق الضيق. قوله: ((لا يتخلجن)) ((تو)): يروى بالحاء المهملة وبالخاء المعجمة، فمعناه بالمهملة لا يدخلن قلبك منه شيء؛ فإنه مباح نظيف، وبالمعجمة لا يتحركن الشك في قلبك. أقول: الأول أبلغ وهو نظير قوله تعالى: {فَلا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ} وقوله: ((ضارعت)) جواب شرط محذوف، الجملة الشرطية مستأنفة لبيان الموجب. أي لا يدخلن في قلبك ضيق وحرج، لأنك على الحنيفية السمحة؛ فإنك إذا شددت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية؛ فإن ذلك دأبهم وعادتهم. قال تعالى: {ورَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} الآية.
الحديث الثامن عن أبي الدرداء: قوله: ((المجثمة)) ((نه)): هي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل.
إلا أنه يكثر في الطير والأرنب وأشباه ذلك مما يجثم بالأرض، أي يلزمها ويلتصق بها.
الحديث التاسع عن العرباض: قوله: ((عن كل ذي ناب)) ((حس)): أراد به ما يعدو بنابه على الناس وأموالهم كالذئب والأسد والكلب ونحوها، وأراد بذي مخلب ما يقطع ويشق كالنسر والصقر والبازي ونحوها. قوله: ((وأن توطأ الحبالى)) ((مظ)): إذا حصلت جارية لرجل من السبي لا يجوز له أن يجامعها حتى تضع حملها إذا كانت حاملة، وحتى تحيض وينقطع دمها إن لم تكن حاملة. قوله: ((الذئب والسبع)) فيه تقديم وتأخير. ((الخليسة)) هي التي تؤخذ من الذئب والسبع فتموت في يده قبل أن يذكيها. من خلست الشيء واختلسته إذا سلبته وهي فعيلة بمعنى مفعولة، ولا بد فيه من تقدير مفعول محذوف أي فيأخذ المختلسة منه. والضمير في ((فتموت)) و ((ويذكيها)) راجع إليها.
الصفحة 2811
4467