كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)
4170 - وعن أنس، قال: ما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأي رغيفا مرققا حتى لحق بالله، ولا رأي شاة سميطا بعينه قط. رواه البخاري.
4171 - وعن سهل بن سعد، قال: ما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله. وقال: ما رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم منخلا من حين ابتعثه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأكل عليه لم يزل من دأب المترفين وصنيع الجبارين؛ لئلا يفتقروا إلى التطأطؤ عند الأكل. ((ولا في سكرجة)) الرواة يضمون الأحرف الثلاثة من أولها. وقيل: إن الصواب فتح الراء منها وهو الأشبه؛ لأنه فارسي معرب، والراء في الأصل منه مفتوحة، والعجم كانت تستعملها في الكوامخ وما أشبهها من الجواشيات على الموائد حول الأطعمة للتشهي والهضم، فأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل على هذه الصفة قط.
قوله: ((على السفر)) هو جمع السفرة. ((نه)): السفرة الطعام يتخذه المسافر أكثر ما يحمل في جلد مستدير، فنقل اسم الطعام إلى الجلد، وسمي به كما سميت المزادة رواية، وغير ذلك من الأسماء المنقولة.
أقول: قوله: ((ولا خبز له مرقق)) عبارة عن كونه صلى الله عليه وسلم لم يأكل خبزا مرققا بعد مبعثه قط.
قوله: ((ولا خبز له)) يحتمل معنيين أحدهما: أنه أكله إذا خبز لغيره وأنه لم يأكله قط سواء خبز له أو لغيره، يدل عليه حديث سهل بن سعد: ((ما [رأي] رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل النقي من حين ابتعثه الله تعالى)). وقوله: ((على ما يأكلون)) الظاهر أن يسأل على ما يأكل وفيم يأكل وما يأكل، فلم عدل عن السؤال إلى الجماعة واقتصر على الأول منها؟. فيقال: علم السائل أن الصحابة رضوان الله عليهم يقتدون بسنته ويقتفون آثاره فاستغنى به عن ذلك.
الحديث الثاني عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم رأي رغيفا)) نفي العلم وأراد نفي المعلوم على طريقة قوله تعالى: {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ} وهو من باب نفي الشيء بنفي لازمه. وإنما صح هذا من أنس رضي الله عنه؛ لأنه لازم النبي صلى الله عليه وسلم ولزمه ولم يفارقه. و ((السميط)) المسموط وهو الذي أزيل شعره ثم شوى، من السمط وهو إزالة الشعر، وما شوي بعد السلخ فهم الخمط. وقوله: ((بعينه)) تأكيد لنفي الرؤية ودفع احتمال التجوز، كما تقول: مشيت برجلي وقبضت بيدي ورأيت بعيني.
الحديث الثالث عشر عن سهل: قوله: ((النفي)) هو الخبز الحزاري، وهو ما نقى دقيقه من النخالة. ((وثريناه) أي بللناه بالماء، وأصله من الثرى وهو التراب الندي.
الصفحة 2841
4467