كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 9)

4208 - وعن سلمان، قال: قرأت في التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده)). رواه الترمذي، وأبو داود. [4208]
4209 - وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء، فقدم إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ قال: ((إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)). رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي؟ [4209]
4210 - ورواه ابن ماجه، عن أبي هريرة.
4211 - وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أتى بقصعة من ثريد، فقال: ((كلوا من جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها؛ فإن البركة تنزل في وسطها)). رواه الترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الإطعام والسقي والتسويغ وهو تسهيل الدخول في الحلق؛ فإنه خلق الأسنان للمضغ والريق للبلع، وجعل المعدة مقسما للطعام. ولها مخارج: فالصالح منه ينبعث إلى الكبد وغيره يندفع من طريق الأمعاء، وكل ذلك فضل من الله الكريم، ونعمة يجب القيام [بموجبها] * من الشكر بالجنان والثناء باللسان والعمل بالأركان.
الحديث السابع عن سلمان: قوله: ((الوضوء قبله)) أراد بالوضوء هنا غسل اليدين وتنظيفهما. وجوابه صلى الله عليه وسلم من الأسلوب الحكيم حيث قرر ما تلقاه به وزاد عليه.
ومعنى بركة الوضوء في أول الطعام: النمو والزيادة فيه، وفي آخره: عظم فائدة الطعام باستعمال النظافة. فإذا ترك ذلك ضربه الغم الذي حصل في يده من الطعام، وعاقه عن استمرائه، فالبركة في الأول بمعنى النمو، وفي الآخر بمعنى التعظيم واستدامتها.
الحديث الثامن عن ابن عباس: قوله: ((إنما أمرت بالوضوء)) هذا إنما ينطبق على السؤال إذا اعتقد السائل أن الوضوء قبل الطعام واجب، فنفي صلى الله عليه وسلم وجوبه حيث أتى بأداة الحصر وأسند الأمر إلى الله تعالى، فلا ينافي جوابه. والمأمور به هو قوله تعالى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} فلا يتم استدلال الشارحين به على نفي الوضوء قبل الطعام في الحديث السابق.

الصفحة 2854