كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 10)

4756 - وعن زينب بنت أبي سلمة، قال: سميت برة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، سموها زينب)) رواه مسلم.
4757 - وعن ابن عباس، قال: كانت جويرية اسمها برة فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية، وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة. رواه مسلم.
4758 - وعن ابن عمر، أن بنتا لعمر يقال لها: عاصية، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة. رواه مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرجل عن ذاته والمسمى به، وتنزيله على ما نحن بصدده أن يقال: إن هذا الوصف بلغ في الشهرة وعدم الإلباس بحيث ساوى الموصوف. فإذا أطلق لم يتبادر إلى الذهن غيره ولو احتمل الغير لبطلت المساواة. وأيضا إذا لم يجز أن يسمى مدلول ملك الأملاك كالرحمن والجبار، فلأن لا يجوز بالدال أولى.
وقوله: ((لا ملك)) اسئناف لبيان تعليل تحريم التسمية، فنفي جنس الملاك بالكلية لأن المالك الحقيقي ليس إلا هو، ومالكية الغير عارية له مستردة إلى مالك الملوك، فمن تسمى بهذا الاسم، نازع الله في رداء كبريائه، واستنكف أن يكون عبدا لله فيكون له الخزي والنكال والإلقاء في النار. وتحريره أن صفة المالكية مختصة بالله تعالى لا تتجاوز إلى غيره، والمملوكية صفة العبد لا يتجاوز عنها إلى غيرها. ولذلك كان أحب الأسماء إلى الله تعالى: عبد الله وعبد الرحمن ونحوهما؛ لأن من تسمى بها يكون على بصيرة؛ لأنه عرف قدره ولم يتعد طوره؛ وذلك أنه ليس بين الله وبين العبد نسبة إلا العبودية. وما تحقق أحد هذه النسبة حق تحقيقه إلا سيد المرسلين صلوات الله عليه؛ فلذلك وصفه الله تعالى في مقام القرب وبساط الأنس بقوله:} سبحان الذي أسرى بعبده ليلا {.ورفع روح الله عيسى عليه السلام عن نفسه التهمة بالربوبية بقوله:} إني عبد الله {ونهى أن يقول أحد لمملوكه: عبدي؛ لأن العبودية غاية التذلل لا يستحقها إلا من له غاية العزة والكبرياء،} وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم {} والله يقول الحق وهو يهدي السبيل {.
الحديث السادس والسابع عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فحول)) ((مح)):بين رسول الله صلىى الله عليه وسلم في الحديثين نوعين من العلة وهما التزكية وخوف التطير.
الحديث الثامن عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((يقال لها عاصية)) ((تو)):إنما كان ذلك منه في الجاهلية فإنهم كانوا يسمون بالعاصي والعاصية ذهابا إلى معنى الإباء عن قبول النقائص والرضى بالضيم، فلما جاء الله بالإسلام كره ذلك لهم.

الصفحة 3087