كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 10)

4759 - عن سهل بن سعد، قال: أتى بالمنذر بن أبى أسيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين ولد، فوضعه على فخذه فقال: ((ما اسمه؟)) قال: فلان. قال: ((لا، لكن اسمه المنذر)) متفق عليه.
4760 - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي، وفتاي وفتاتي، ولا يقل العبد: ربي؛ ولكن ليقل: سيدي)) وفي رواية: ((ليقل: سيدي ومولاي)) وفي رواية: ((لا يقل العبد لسيده: مولاي؛ فإن مولاكم الله)).رواه مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((جميلة)) كان من الظاهر أن تسمى بما يقابل اسمها، والمقابل برة وهو أيضا غير جائز للعلتين السابقتين؛ ولذلك عدل إلى ((جميلة)) وهي مقابلة لها من حيث المعنى؛ لأن الجميل لا يصدر منه إلا الجميل والبر. ((مح)):فيه استحباب تغيير الاسم القبيح كما يستحب تغيير الأسماء المكروهة إلى حسنة.
الحديث التاسع عن سهل: قوله: ((ولكن اسمه المنذر)) أي لا أرضى له بما سميتموه، ولكن أرضى له أن يكون اسمه المنذر. ولعله صلى الله عليه وسلم تفاءل به ولمح إلى معنى التفقه في الدين في قوله تعالى:} فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم {.
الحديث العاشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا يقولن أحدكم عبدي)) ((حس)): قيل: إنما منع أن يقول: ربي؛ لأن الإنسان مربوب متعبد بإخلاص التوحيد فكره المضاهاة بالاسم لئلا يدخل في معنى الشرك. والعبد الحر فيه بمنزلة واحدة، ولم يمنع العبد أن يقول: سيدي ومولاي؛ لأن مرجع السياد إلى معنى الرئاسة له وحسن التدبير لأمره؛ ولذلك سمي الزوج سيدا، وقيل في كراهة هذه الأسماء: هو أن يقول ذلك عن طريق التطاول على الرقيق والتحقير لشأنه. وإلا فقد جاء به القرآن قال تعالى:} والصالحين من عبادكم وإمائكم {.وقال:} عبدا مملوكا لا يقدر على شيء {.وقال:} اذكرني عند ربك {وقال أيضا:} سيدها لدى الباب {.ومعنى هذا راجع إلى البراءة من الكبر والتزام الذل والخضوع، ولم يحسن لأحد أن يقول: فلان عبدي، بل يقول: فتاي، وإن كان قد ملك فتاه ابتلاء وامتحانا من الله تعالى لخلقه، كما قال تعالى:} وجعلنا بعضكم لبعض فتنة {.وعلى هذا امتحان الله تعالى أنبياءه وأولياءه، ((ابتلى)) يوسف بالرق.

الصفحة 3088