كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 10)

4761 - وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تقولوا: الكرم؛ فإن الكرم قلب المؤمن)) رواه مسلم.
4762 - وفي رواية له عن وائل بن حجر، قال: ((لا تقولوا: الكرم؛ ولكن قولوا: العنب والحبلة)).
4763 - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسموا العنب الكرم، ولا تقولوا: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر)) رواه البخاري.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
((مح)):قالوا إنما كره للملوك أن يقال لهم: ربي؛ لأن فيه إبهام المشاركة لله تعالى. وأما حديث: ((حتى يلقاها ربها في الضالة، وحديث ((رب الصريمة)) وما في معناهما، فإنما استعمل؛ لأنها غير مكلفة فهي كالدار والمال. ولا كراهة أن يقول: رب المال والدار. وأما قول يوسف عليه السلام:} اذكرني عند ربك {و} إنه ربي أحسن مثواي {ففيه جوابان: أحدهما: أنه خاطبه بما يعرفه وجاز ذلك للضرورة. وثانيهما: أن هذا منسوخ من شرعنا.
الحديث الحادي عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((لا تقولوا: الكرم)) ((مح)) قال أهل اللغة: يقال رجل كرم وامراة كرم ورجلان كرم ورجال كرم ونسوةكرم، كله بفتح الراء وإسكانها بمعنى كريم، وصف بالمصدر كعدل وضيف. قوله: ((الحبلة)) ((نه)):هي بفتح الحاء والباء وربما سكنت وهو في الأصل والقصيب من شجر الأعناب. أراد أن يقرر ويشدد ما في قوله تعالى:} إن أكرمكم عند الله أتقاكم {.بطريقة أنيقة ومسلك لطيف، فبصر أن هذا النوع من غير الأناسي المسمى بالاسم المشتق من الكرم. أنتم أحقاء بألا تؤهلوه بهذه التسمية ولا تسموها له غيرة للمسلم التقي ورفعة لمنزلته أن يشارك فينا سماه الله تعالى. وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرما، ولكن الغرض بيان أن المستحق للاسم المشتق من الكرم المسلم، ونظيره في الأسلوب قول الله عزوجل:} صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة {.
أقول: وتلخيص المعنى تخطئة رأي من سمى العنب بالكرم؛ نظرا إلى أنه تتخذ منه الخمر، وشربها يولد الكرم، وتسفيههم فيها؛ لأنها أم الخبائث والرجس الذي هو من عمل الشيطان؛ وتصويب رأي من رأي استحقاق هذا بقلب المؤمن الطاهر عن أوضار الرجس والآثام، وأنه معدن مكارم الأخلاق ومنبعها ومركز التقوى، فهو أولى وأحرى أن يسمى كرما قال تعالى:} فإنها من تقوى القلوب {.وقال:} إن أكرمكم عند الله أتقاكم {،كأنه صلى الله عليه وسلم نبه

الصفحة 3089