كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 10)

4764 - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يسب أحدكم الدهر، فإن الله هو الدهر)) رواه مسلم.
4765 - وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقولن أحدكم: خبثت نفسي/ ولكن ليقل: لقست نفسي)) متفق عليه.
وذكر حديث أبي هريرة: ((يؤذيني ابن آدم)) في ((باب الإيمان))
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المسلمين على التحلي بالتقوى والتزيي به، وأنه رأس مكارم الأخلاق لا ما ذهب إليه أهل الجاهلية، وهو من باب المشاكلة، كقوله تعالى:} صبغة الله {فإن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه بالمعمودية، يقولون: هو تطهير لهم، فقيل للمسلمين: قولوا:} آمنا بالله {إلى قوله:} صبغة الله {أي قولوا: صبغنا الله بالإيمان صبغته ولم يصبغ صبغتكم التي هي النجاسة لا الطهر.
الحديث الثاني عشر والثالث عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((يا خيبة الدهر)) ((الخيبة)) الحرمان والخسران، وقد خاب يخيب ويخوب، وهو من إضافة المصدر إلى الفاعل. وما يتعلق بالحديثين مضى بحثه مستوفي في كتاب الإيمان.
الحديث الرابع عشر عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((لقست)) ((نه)):أي غثت واللقس الغثيان، وإنما كره ((خبثت)) هربا من لفظ الخبث والخبيث، واللقس أيضا السيء الخلق، وقيل: الشحيح، ولقست نفسه إلى الشيء إذا حرصت عليه ونازعته عليه.
((مح)):إنما كره لفظ الخبث لشناعته، وعلمهم الأدب في الألفاظ واستعمال أحسنها وهجران قبيحها، فإن قيل: قد قال صلى الله عليه وسلم في الذي ينام عن الصلاة ((فأصبح خبيث النفس كسلان)) والجواب أنه صلى الله عليه وسلم مخبر هناك عن صفة غيره، وعن شخص مبهم مذموم الحال.
((تو)):وكم مثل ذلك في السنن، نهى عن لعن المسلم أشد النهي، ثم قال: ((لعن الله من تولى غير مواليه))،وقال ((لعن الله من سرق منار الأرض))،وأمثال ذلك مما كان القصد فيه الوعيد والزجر لا اللعن لمسلم بعينه.
أقول: ويمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم نهى الشخص أن ينسب إلى نفسه الخبث، فإنه مذموم لا يحتمل غير الذم، والمراد النهي عن التعرض لما يوصف به من صفة المنافقين من الكسل والرياء، قال تعالى:} وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس {.نعم؛ إذا صدر منهم نحو غثيان كنوم أو سهو أو نحو ذلك، يخبرون عن أنفسهم بأني لقست، فيتدارك ما فات منهم.

الصفحة 3090