كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 10)

الفصل الثاني
4766 - عن شريح بن هانئ، عن أبيه، أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنون بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم)) قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كل فريق بحكمي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أحسن هذا، فما لك من ولد؟)) قال: لي شريح، ومسلم، وعبد الله. قال: ((فمن أكبرهم)) قال: قلت: شريح. قال: ((فأنت أبو شريح)).راوه أبو داود، والنسائي. [4766]
4767 - وعن مسروق، قال: لقيت عمر، فقال: من أنت؟ قلت: مسروق بن الأجدع. قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الأجدع الشيطان)).رواه أبو داود، وابن ماجه. [4767]

الفصل الثاني
الحديث الأول عن شريح: قوله: ((إن الله هو الحكم)) عرف الخبر وأتى بضمير الفصل فدل على الحصر، وأن هذا الوصف مختص به لا يتجاوز إلى غيره، أي منه الحكم وإليه ينتهي الحكم. ((حس)):الحكم هو الحاكم الذي إذا حكم لا يرد حكمه، وهذه الصفة لا تليق لغير الله تعالى، ومن أسمائه ((الحكم)).انتهى كلامه.
ولما لم يطابق جواب أبي شريح هذا المعنى، قال صلى الله عليه وسلم على ألطف وجه وأرشقه ردا عليه ذلك: ((ما أحسن هذا)) لكن أين ذلك من هذا فاعدل عنه إلى ما هو يليق بحالك من التكني بالأبناء. وهو من باب الرجوع والتنبيه إلى ما هو أولى به وأليق بحاله.
والكنى على أنواع يطلق تارة على قصد التعظيم والتوصيف، كأبي المعالي، وأبي الفضائل وأبي الحكم، وللنسبة إلى الأولاد كأبي سلمة وأبي شريح وإلى ما لا يلابسه كأبي هريرة؛ فإنه رئي ومعه هرة فكني بذلك، وللعلمية الصرفة كأبي عمرو وأبي بكر.
((حس)):فيه أن الأولى أن يكنى الرجل بأكبر بنيه فإن لم يكن له ابن فبأكبر بناته، وكذلك المرأة بأكبر بنيها، فإن لم يكن لها ابن فبأكبر بناتها.
الحديث الثاني عن مسروق: قوله: ((الأجدع الشيطان)) وهو استعارة من مقطوع الأطراف لمقطوع الحجة.

الصفحة 3091