كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 3)
284 - وعن عثمان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره))، متفق عليه.
285 - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا توضأ العبد المسلم- أو المؤمن- فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء- أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء- أو مع آخر قطر الماء- فإذا غسل رجليه؛ خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء- أو مع آخر قطر الماء- حتى يخرج نقياً من الذنوب)) رواه مسلم. [285]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرباط المحلي بلام الجنس خبراً لاسم الإشارة- كما في قوله تعالي: {الم ذلك الكتاب} إذ التعريف في الخبر للجنس، المعنى المذكور [و] هو الذي يستحق أن يسمى رباطاً، كان غير ذلك لا يستأهل أن يسمى بهذا الاسم بالنسبة إليه؛ لما فيه من قهر أعدى عدو الله النفس الأمارة بالسوء، وقمع شهواتها، وقلع مكائد الشيطان وإغوائه. ولما أريد تقرير ذلك مزيد تقرير واهتمام بشأنه بعد اهتمام- كرره تكريراً، والله أعلم.
الحديث الثالث عن عثمان: قوله: ((فأحسن الوضوء)) الفاء موقعة موقع ((ثم)) التي لبيان المرتبة، دلالة علي أن الإجادة في الوضوء- من تطويل الغرة، وتكرار المسح، والغسل ثلاثاً، ومراعاة آدابه من استقبال القبلة، والدعاء المأثور عن السلف وغيرها- أفضل وأكمل من أداء ما وجب مطلقاً. ((وخرجت خطاياه)) تمثيل وتصوير لبراءته عن الذنوب كلها علي سبيل المبالغة، لكن هذا العام خص بالصغائر.
الحديث الرابع عن أبي هريرة: قوله: ((خرج)) جواب الشرط، والفاء في ((فغسل)) مرتبة له علي الشرط، أي إذا أراد الوضوء فغسل خرج من وجهه كل خطيئة.
قوله: ((كل خطيئة نظر إليها)) أي نظر إلي سببها، إطلاقاً لاسم المسبب علي السبب مبالغة، وكذا في البواقي. فإن قلت: ذكر لكل عضو ما يختص به من الذنوب، وما يزيلها عن ذلك العضو، والوجه مشتمل علي العين، والفم، والأنف، والأذن، فلم خصت بالذكر دونها؟ قلت: العين طليعة القلب ورائده، فإذا ذكرت أغنت عن سائرها، ويعضد هذا التأويل حديث عبد الله الصنابحي في الفصل الثالث: ((فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه)). والضمير في ((مشتها)) راجع إلي خطيئة، ونصب بنزع الخافض، أو
الصفحة 744
4467