كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 3)

287 - وعنه أنه توضأ فأفرغ علي يديه ثلاثاً، ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً، ثم غسل يده اليمنى إلي المرفق ثلاثاً، ثم غسل يده اليسرى إلي المرفق ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً، ثم اليسرى ثلاثاً، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا. ثم قال: ((من توضأ وضوئي هذا، ثم يصلي ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء، غفر له ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه. ولفظه للبخاري.
288 - وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يتوضأ، فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين، مقبلاً عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة)). رواه مسلم. [288]
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالكبيرة، أي عدم إتيان الكبيرة في الدهر كله مع الإتيان بالمكتوبة كفارة لما قبلها. وأما ما قيل: ((من المكتوبة))، أي المكتوبة تكفر ما قبلها ولو كان ذلك ذنوب العمر، والوجه هو الأول؛ لما ورد: ((الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)). وانتصب ((الدهر)) ظرفاً لمقدر، أي وذلك مستمر في جميع الدهر.
قال المؤلف: قد وجدت ((ما لم يؤت)) في صحيح مسلم، وفي شرحه للنواوي، وفي كتاب الحميدي، كما ذكره الشيخ التوربشتي، وقال محيي الدين النواوي، معنى قوله: ((كانت كفارة لما قبلها)) أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر؛ فإنها لا تغفر، وليس المعنى أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة، فإن كانت كبيرة لا يغفر شيء من الصغائر؛ فإن هذا وإن كان محتملاً فلا نذهب إليه. وقال العلماء: إن هذا الحديث وما أشبهه صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن وجد كبيرة ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر، وإلا كتب له به حسنات، ورفعت به درجات.
الحديث السادس عن عثمان: قوله: ((توضأ فأفرغ)) عطف ((فأفرغ)) إلي آخره علي سبيل البيان علي المبين، كما عطف تعالي {فإن فاءوا} علي قوله: {تربص أربعة أشهر} علي مذهب صاحب الكشاف. ((مح)): الجمهور علي أن الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق، وهو جذب الماء بالنفس إلي الأقصى، وتدل عليه الرواية الأخرى: ((استنشق واستنثر)) فجمع بينهما، وهو مأخوذ من النثرة طرف الأنف. وقد أجمعوا علي كراهة الزيادة علي الثلاث المستوعبة للعضو، وإذا لم يستوعب إلا بغرفتين فهي واحدة، ولم يذكر العدد في مسح الرأس، فالظاهر الاكتفاء بالواحدة.
قوله: ((نحو وضوئي هذا)) ((مح)): إنما قال: ((نحو)) ولم يقل: ((مثل))؛ لأن حقيقة مماثلة وضوئه صلى الله عليه وسلم لا يقدر عليها غيره، وفيه استحباب ركعتين فأكثر عقيب كل وضوء، وهي سنة

الصفحة 746