كتاب شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (اسم الجزء: 3)
289 - عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ- أو فيسبغ- الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله- وفي رواية: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مؤكدة. قال جماعة من أصحابنا: وتفعل هذه الصلاة في أوقات النهي وغيرها؛ لأن لها سبباً، ولو صلي فريضة أو نافلة مقصودة حصلت له هذه الفضيلة، كما تحصل تحية المسجد بذلك. والمراد بقوله: ((لا يحدث نفسه بشيء)) أي من أمور الدنيا، وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه عفي له ذلك، وحصلت الفضيلة؛ لما أنه تعالي عفا عن هذه الأمة الخواطر التي تعرض ولا تستقر، وعلي ما ذكرت من كلام المازري، والقاضي عياض. ((مظ)): معنى قوله: ((لا يحدث نفسه)) لا تجرى في قلبه وسوسه في الأمور الدنيوية، ليكون حاضر القلب غير ساه وغافل، وقلما يمكن الحضور بالكلية، ويحتمل أن يراد [إخلاص العمل لله]، لا لطلب الجاه [والتسلس]، وأن يراد ترك العجب، بأن لا يرى لنفسه منزلة رفيعة بأدائها، بل ينبغي أن يحقر نفسه كيلا يغتر فيتكبر.
الحديث السابع عن عقبة: قوله: ((مقبل عليهما بقلبه ووجهه)) المراد بوجهه الذات، أي مقبلاً عليهما بظاهره وباطنه، مستغرقاً خاشعاً هائباً. ومعنى ((وجب)) هاهنا أن الله تعالي يدخله الجنة تفضلاً وتكرماً، بحيث لا يخالف وعده كمن وجب عليه شيء. و ((مقبل)) وجد بالرفع في الأصول، وفي بعض النسخ: ((مقبلاً)) منصوباً حالاً؛ وكونه مرفوعاً مشكل؛ لأنه إما صفة ((مسلم)) علي أن ((من)) زائدة، وفيه بعد للفواصل، وإما خبر مبتدأ محذوف، فيكون حالا، وفيه بعد أيضاً؛ لخلوه عن الواو والضمير، اللهم إلا أن يقال: إن المبتدأ المقدر كالملفوظ، فحينئذ يكون من قبيل: كلمته فوه إلي في، والوجه العربي أن يضرب عن هذه المحال صفحاً، ويقال: هو فاعل ينازع فيه ((يقوم)) و ((يصلي)) علي سبيل التجريد، كقول [الشاعر]:
فلئن بقيت لأرحلن بغزوة تحوى الغنائم أو يموت كريم
أي أموت كريماً. فجعل الحال فاعلاً للفعل علي التجريد، وعليه قراءة عمير: {فإذا انشقت السماء فكانت وردة} بالرفع، بمعنى فحصلت السماء وردة. فالمعنى يصلي مقبل متناه في إقباله، ملقى علي الركعتين بشراشره. ومنه قراءة من قرأ: {فهب لي من لدنك ولياً يرثني وارث من آل يعقوب}.
الحديث الثامن عن عمر: قوله: ((ما منكم من أحد)) من الثانية زائدة، والأولي بيانية، والجار مجرور حال علي ضعف.
الصفحة 747
4467