كتاب العزلة والإنفراد لابن أبي الدنيا - ت: مشهور

عز وجل ، وذلك من طريق حسن الظن بالله ، وخوف النقص في الدين . ويهيج من حب الخلوة : حياة القلب ، وضياء نوره ، ونفاذ بصره بعيوب الدنيا ، ومعرفته بالنقص والزيادة في دينه . ويهيج من حب الخلوة : الإنصاف للناس ، والإقرار بالحق ، وإذلال النفس بالتواضع ، وترك العدوان . ويهيج من حب الخلوة : خوف ورود الفتن التي فيها ذهاب الدين ، والشوق إلى الموت خوفا من أن يسلب الإسلام . ويهيج من حب الخلوة : الوحشة من الناس ، والاستثقال لكلامهم ، والأنس بكلام رب العالمين وهو القرآن الذي جعله الله نورا وشفاء للمؤمنين وحجة ووبالا على المنافقين ؛ فاجعله مفزعك الذي إليه تلجأ ، وحصنك الذي به تعتصم ، وكهفك الذي إليه تأوي ، ودليلك الذي به تهتدي ، وشعارك ودثارك ومنهجك وسبيلك . وإذا التبست عليك الطرق ، واشتبهت عليك الأمور ، وصرت في حيرة من أمرك ، وضاق بها صدرك ؛ فارجع إلى عجب القرآن الذي لا حيرة فيه ؛ فقف على دلائله من الترغيب والترهيب والوعد والوعيد والتشويق ، وإلى ما ندب الله إليه المؤمنين من الطاعة وترك المعصية ؛ فإنك تخرج من حيرتك ، وترجع عن جهالتك ، وتأنس بعد وحدتك ، وتقوى بعد ضعفك ، فليكن دليلك دون المخلوقين ؛ تفز مع الفائزين ، ولا تهذه كهذ الشعر ، وقف عند عجائبه ، وما أشكل عليك ؛ فرده إلى عالمه ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ' . آخر الجزء الثاني من كتاب ' العزلة ' ، وهو آخر الكتاب . والحمد لله ، وصلى الله على محمد وآله وسلم .
____________________

الصفحة 171