كتاب العزلة والانفراد

حَالُ الرَّجُلِ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِلْقَبْرِ
55 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ بِالْمِصِّيصَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ: فَرَسُهُ، وَعَلَفُهُ، وَقُمَاشُهُ، فَقُلْتُ: أَمَا تَضِيقُ نَفْسُكَ مِنْ هَذَا؟ ! فَبَكَى، وَقَالَ: إِذَا ذَكَرْتُ الْقَبْرَ وَضِيقَهُ وَظُلْمَتَهُ، اتَّسَعَ هَذَا عِنْدِي، وَلَهِيتُ عَنْ غَيْرِهِ ".
مَعَ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ
56 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: إِسْحَاقُ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ بِبَيْرُوتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ فِي الظُّلْمَةِ؟ قَالَ: ظُلْمَةُ الْقَبْرِ أَشَدُّ، قَالَ: مَا لِي أَرَاكَ وَحْدَكَ لَيْسَ لَكَ رَفِيقٌ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِي رَفِيقٌ لا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ بِحَقِّهِ، قَالَ لَهُ سَعِيدٌ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، فَإِنَّا لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: يَا سَعِيدُ! إِنَّ نَفْسِي لَمْ تُجِبْنِي إِلَى هَذَا الَّذِي أَجَابَتْنِي إِلَيْهِ إِلا بَعْدَ كَدِّكَ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَهَا مِثْلَ دَرَاهِمِكَ هَذِهِ، فَمَنْ لِي بِمِثْلِهَا إِذَا أَنَا أَصْبَحْتُ؟ لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، قَالَ: فَذَكَرَ سَعِيدٌ لِلأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: دَعْ سُلَيْمَانَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي السَّلَفِ لَكَانَ عَلامَةً " (¬1) .
¬_________
(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/377) من طريق ابن أبي الدنيا به.
57 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، ثنا أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَكَوْكَ أَنْ تَمُرَّ وَلا تُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ لِفَضْلٍ أَرَاهُ عِنْدِي، وَلَكِنِّي شِبْهُ الْحَشِّ، إِذَا ثَوَرْتُهُ ثَارَ، وَإِذَا قَعَدْتُ مَع النَّاسِ جَاءَ مِنِّي مَا أُرِيدُ وَمَا لا أُرِيدُ " (¬1) .
¬_________
(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية الأولياء " (8/277) ، من طريق ابن أبي الدنيا به.
ثوَّره: أثاره وأهاجه
والحش: الكنيف.
وقد وقع في " الحلية " بعض الأخطاء في المتن والأثر، والصواب ما هنا.
58 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
-[34]- شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ أُونِسُكَ،
قَالَ: جِئْتَ تُؤْنِسُنِي وَأَنَا أُعَالِجُ الْوَحْدَةَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ (¬1) .
¬_________
(¬1) قوله: أعالج: أي: أصارع.

الصفحة 33