كتاب السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة

فصارت ودٌّ لكلب بدومة الجندل "وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق فكانت لهمدان، وأما نسر فكانت لحمير، لآل ذي الكلاع"1.
أما بقية القبائل العربية وخاصة القريبة من مكة عاصمة الشرك والوثنية قي الجاهلية فقد "اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة لها سدنة وحُجاب، وتهدي لها كما تهدي للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها وهي تعرف فضل الكعبة عليها؛ لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده"2.
وكان من أشهر هذه الطواغيت بل وأعظمها في نظر العرب –بعد الكعبة- الثلاثة التي ذكرها الله عز وجل في سورة النجم، قال تعالى {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} 3.
"ولم تكن قريش بمكة ومن أقام بها من العرب يعظمون شيئا من الأصنام إعظامهم العزى ثم اللات ثم مناة"4.
وقد بلغ من تعظيمهم إياها أنهم كانوا إذا طافوا بالكعبة يقولون: "واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فإنهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى"5.
حتى إذا تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية السابقة من سورة النجم إلى آخر السورة ثم سجد سجد معه المشركون ظنًّا منهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غير موقفه من آلهتهم المزعومة والتي كان موقفه منها سابقا متدرجًا من الإنكار القلبي قبل
__________
1 ابن حجر، فتح (8/667) .
2 من رواية ابن إسحاق. انظر ابن هشام، سيرة (1/83) .
3 النجم (19-20) .
4 انظر. ابن الكلبي، الأصنام، (ص: 27) .
5 المصدر السابق (ص: 19) ، وقد ذكرت بعض الروايات غير الصحيحة أن هذه الكلمات وقعت في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه بسببها سجد المشركون معه.

الصفحة 277