كتاب السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة

ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية"1.
قال الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} 2.
وقد كان أول من نصبها لهم مؤسس الشرك في الجزيرة العربية ومبتدع الأوثان محرف الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام الخزاعي عمرو بن لحي3.
ولما كان الفتح الأعظم في السنة الثامنة من الهجرة سنة تحطيم الأوثان وبالتحديد في الرابع والعشرين من شهر رمضان4 بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها رجلا من أهلها سابقا الذين كانوا يعظمونها في الجاهلية وهو سعد بن زيد الأشهلي رضي الله عنه على رأس سرية قوتها عشرون فارسًا5 وكان واجب السرية هو إزالة مناة من الوجود نهائيًّا.
__________
1 صحيح موقوف أخرجه مسلم عن عروة عن عائشة رضي الله عنها. النووي على مسلم (9/22) .
2 البقرة (158) .
3 قال ابن حجر: وبذلك جزم محمد بن إسحاق فيما رواه الفاكهي من طريق عثمان بن ساج عنه. فتح الباري (3/499) . وانظر الفاكهي، أخبار مكة (5/163) كما ذكر ذلك ابن الكلبي في الأصنام، (ص 13) ، وانظر قصة عمرو بن لحي في الصحيح، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه يجر أمعاءه في النار، وذلك جزاء فعله هذا. ابن حجر، فتح (6/547) .
4 رواه ابن سعد عن جمع من شيوخه بلفظ قالوا. الطبقات (2/146) ، وتابعه نقلا عنه اليعمري، عيون (2/238) ، والشامي بدون أن يشير إلى ذلك، السبل (6/304) . وقال الزرقاني: فكان اللائق تقديمها على العزى، لكنه قدمها عليها تبعا للعيون وغيرها لتقديمها في الذكر العزيز، وللاهتمام بشأن ذكر هدمها لأنها كانت من أصنام قريش. انظر الزرقاني، شرح (2/349) .
ويذكر ابن الكلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليًّا رضي الله عنه إليها بعد توجهه من المدينة إلى مكة بأربع ليال أو خمس وذلك سنة ثمان للهجرة، الأصنام (ص 15) ، كما ذكرها ضمن أحداث سنة ثمان من الهجرة الطبري وابن كثير كلاهما نقلا عن الواقدي. الطبري، تاريخ (3/66) ، ابن كثير، تفسير (4/375) ، وأشار إليها الواقدي في حوادث سنة ثمان (2/870) .
5 يذكر ابن كثير والزرقاني عن ابن إسحاق: أن المبعوث هو أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه وليس سعدا، انظر ابن كثير، تفسير (5/254) ، والزرقاني، شرح (2/349) ، في حين أن القائل بذلك هو ابن شام في زوائد السيرة. انظر ابن هشام، سيرة (1/86) ، ويوافق الواقدي في رواية الطبري وابن كثير عنه انظر ابن كثير، بداية (4/375) ، والطبري، تاريخ (3/66) ، ويذكر ابن الكلبي وابن هشام في رواية أنه كان عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه.

الصفحة 287