كتاب الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة

الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَمن شكّ فِي ذَلِك أَو طعن فِيهِ أَو توقف عَنهُ فقد كذب بِكِتَاب الله وَشك فِيمَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزعم أَنه من عِنْد غير الله قَالَ الله تَعَالَى {يعظكم الله أَن تعودوا لمثله أبدا إِن كُنْتُم مُؤمنين} النُّور 17 فَمن أنكر هَذَا فقد برىء من الْإِيمَان وتحب جَمِيع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَرَاتِبهمْ ومنازلهم أَولا فأولا وتترحم على أبي عبد الرَّحْمَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أخي أم حَبِيبَة زَوْجَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَال الْمُؤمنِينَ أَجْمَعِينَ كَاتب الْوَحْي وتذكر فضائله وتروي مَا روى فِيهِ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقد قَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (يدْخل عَلَيْكُم من هَذَا الْفَج رجل من أهل الْجنَّة) فَدخل مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ فتعلم أَن هَذَا مَوْضِعه ومنزلته ثمَّ تحب فِي الله من أطاعه وَإِن كَانَ بَعيدا مِنْك وَخَالف مرادك فِي الدُّنْيَا وَتبْغض فِي الله من عَصَاهُ ووالى أعداءه وَإِن كَانَ قَرِيبا مِنْك وَوَافَقَ هَوَاك فِي دنياك
نقل من كتاب الغنية لطالبي الْحق عز وَجل تأليف الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الْعَلامَة القطب الرباني أبي صَالح عبد الْقَادِر الجيلي نفعنا الله ببركته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَفِيه وَقد رُوِيَ عَن إمامنا أبي عبد الله أَحْمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل رَحْمَة الله عَلَيْهِ رِوَايَة أُخْرَى أَن خلَافَة أبي بكر رَضِي الله عَنهُ ثبتَتْ بِالنَّصِّ الْجَلِيّ وَالْإِشَارَة وَهُوَ مَذْهَب الْحسن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب الحَدِيث رَضِي الله عَنْهُم وَجه هَذِه الرِّوَايَة مَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (لما عرج بِي سَأَلت رَبِّي عز وَجل أَن يَجْعَل الْخَلِيفَة من بعدِي عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَت الْمَلَائِكَة يَا مُحَمَّد إِن الله يفعل مَا يَشَاء الْخَلِيفَة من بعْدك أَبُو بكر)
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا (الَّذِي بعدِي أَبُو بكر لَا يثبت بعدِي إِلَّا قَلِيلا)

الصفحة 708