كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

يبدل ما أوحاه الله إليه يقول لهم أنه ليس له من الأمر شيء إنما هو متبع للوحي.
قال تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (١).
"فالشريعة هي الحاكمة على الإطلاق والعموم عليه -أي على الرسول- وعلى جميع المكلفين وهي الطريق الموصل والهادي الأعظم ألا ترى الى قوله تعالى:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} (٢).
فهو - عليه الصلاة والسلام - أول من هداه الله بالكتاب والإيمان، ثم من اتبعه فيه، والكتاب هو الهادي والوحي المنزل عليه مرشد ومبيّن لذلك الهدي والخلق مهتدون بالجميع، ولما استنار قلبه وجوارحه - عليه الصلاة والسلام - وباطنه وظاهره بنور الحق علماً وعملاً صار هو الهادي الأول لهذه الأمة والمرشد الأعظم ... لأنه حكم الوحي على نفسه .. وهذه الخاصية كانت من أعظم الأدلة على صدقه فيما جاء به، إذْ قد جاء بالأمر وهو مؤتمر، وبالنهي وهو منته، وبالوعظ وهو متعظ وبالتخويف وهو أول الخائفين وبالترجيه وهو سائق دابة الراجين" (٣).
وقرر ابن تيمية هذا المعنى عند قوله تعالى:
---------------
(١) سورة يونس: آية ١٥، وانظر تفسير ابن كثير ٢/ ٤١١.
(٢) سورة الشورى: آية ٥٢.
(٣) الاعتصام ٢/ ٣٣٨ - ٣٣٩.

الصفحة 31