كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

القرآن إلى الإيمان بأن الله هو المعبود بحقٍ وحده بلا شريك، وأن ذلك إنما يتحقق باعتقاد أنه هو الخالق وحده والمتصرف وحده .. والآمر وحده دون سواه، ولا حق لأحد في شيء من ذلك لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
ولأهمية هذه العقيدة ولأنها هي المفتاح الأول لدراسة الشريعة الإسلامية والتمكين لها احتاجت للبيان المتكرر في القرآن في كثير من المواضع، وإليك الآن الطريقة الثالثة المبينة لذلك.
• الطريقة الثالثة: وتتلخص هذه الطريقة في أن كثيراً من الآيات جاءت لتبيّن أن من أسباب الكفر والشرك التشريع من دون الله، وأن ذلك هو ما تصفه السنة الذين يفترون على الله الكذب -حيث يستحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحله- وأن ذلك من ابتغاء حكم الجاهلية، وأنه غير سبيل المؤمنين، وأنه زيادة في الكفر. ويضيف القرآن في أكثر من موضع بياناً يزيل به الشبه ويدفع به أعذار المعتذرين، ويكذّب به زعمهم في طلب التوفيق بين شرع الله وشرع غيره، ويكذب دعواهم أن ذلك هو محض المشيئة، وأنه لو شاء الله أن لا يُعبد غيره ولا يُحرم شيء من دونه لكان ذلك .. وهذه بعض الآيات القرآنية التي وردت في المواضع المشار إليها، ومنها قوله تعالى:
{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (١).
يقول الإِمام الطبري في تفسير هذه الآية: "يقول تعالى ذكره، أم لهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم ... ابتدعوا لهم من الدين مالم يبح الله لهم ابتداعه .. " (٢).
ويؤكد الإمام الشاطبي على هذا المعنى فيقول: "إن البدع إذا تُؤمل معقولها وُجدت رتبها متفاوتة فمنها ما هو كفر صراح كبدعة الجاهلية التي نبه عليها القرآن كقوله تعالى:
---------------
(١) سورة الشورى: آية ٢١.
(٢) ٢٥/ ٢١، وانظر تفسير ابن كثير ٤/ ١١٢.

الصفحة 33