كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

"الياسا" (١)، وقدمها عليه! من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين، قال تعالى:
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٢).
وقال تعالي: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣) " (٤).
ولذلك كفر اليهود والنصارى لما تمسكوا بشرع مبدل منسوخ قال شيخ الإسلام: "ومن بدل شرع الأنبياء وابتدع شرعاً فشرعه باطل لا يجوز اتباعه كما قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم ياذن به الله} ولهذا كفر اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ" (٥).
فالتغيير والتبديل من فعل الكفار، وقد أبان عن ذلك الشاطبي أيضاً حيث قال عند قوله تعالى:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (٦).
قال: "وهو دليل على أن تحريم ما أحل الله وإن كان بقصد سلوك الآخرة منهي عنه، وليس فيه اعتراض على الشرع ولا تغيير له ولا قصد فيه الابتداع، فما ظنك إذا قصد به التغيير والتبديل كما فعل الكفار ... " (٧).
وقد مر تقسيم الإمام الشاطبي لمراتب البدع فمنها ما هو كفر لا شك فيه وهو محل اتفاق، ومنها ما هو دون ذلك، والبدع على كل حال تلزم صاحبها بأوصاف ثلاثة:
---------------
(١) "الياسا" و"الياسق" اسمان لكتاب كتب فيه التتار أحكامهم التي كان يحكمون بها، انظر البداية والنهاية لإبن كثير ١٣/ ١١٩ مطبعة السعادة - مصر.
(٢) سورة المائدة: آية ٥٠.
(٣) سورة النساء: آية ٦٥.
(٤) البداية والنهاية ١٣/ ١١٩.
(٥) مجموع الفتاوى الكبرى ٣٥/ ٣٦٥.
(٦) سورة المائدة: آية ٨٧.
(٧) الاعتصام ٢/ ٣٧، ٤٠.

الصفحة 36