كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

فإن الوصف لايُعلم إلا إذا عُلمت ثم إنه يجوز التعليل به اتفاقاً وكذلك الحكمة.
فإذا ظن المجتهد ربط الحكم بهذا الوصف الظاهر المشتمل على جلب المصلحة أودرء المفسدة - وهي الحكمة - حصل الظن بمقدارها فيربط الحكم بالفرع لأن العمل بالظن واجب (١).
ويرد على هذا الجواب أن الحكمة لما لم تنضبط ربط الشارع الحكم بما ينضبط وهو الوصف الظاهر فيكون هو المعتبر وإن تخلفت الحكمة كما في مثال سفر الملك المرفه (٢).
وأُورد عليه: أن الحكم رُبط بالوصف المشتمل على المشقة وهو السفر ولم يُربط بكونه سفراً فقط (٣).
والجواب: أننا علمنا ابتداء أن الحكم إنما رُبط بكونه سفراً فقط، ثم عرفنا بعد ذلك - استنباطاً - أن حكمته هي المشقة غالباً.
وما ذكره الشلبي من قوله "مسألة السفر والقصر فيه التي جعلها مانعوا التعليل بالحكمة متكئاً لهم في الذهاب إلى الأوصاف وإهدار الحكم ليس فيها تعديه، ولم يجني المتكلمون فيها بعد طول الجدال فائدة، فلا عدى الحكم إلى غير المسافر ولا منع الملك المرفه" (٤).
وهذه المناقشة لدليل المانعين لاتستقيم، لأنهم استدلوا بهذا المثال على إبطال التعليل بالحكمة وهو دليل لهم، على منع التعليل بها في حالة عدم الانضباط - كما هو في المثال السابق وهنا تتحقق الفائدة.
---------------
(١) المنهاج مع نهاية السؤال ٤/ ٢٦٢.
(٢) الوصف المناسب ص ٨٥.
(٣) تعليل الأحكام ١٣٨ للدكتور محمد مصطفى شلبي طبعة ١٤٠١ هـ دار النهضة العربية - بيروت.
(٤) تعليل الأحكام ١٤٣.

الصفحة 393