كتاب الثبات والشمول في الشريعة الإسلامية

وهذا الحكم إنما هو عن طريق اعتبار مصلحة شهد الشرع لنوعها ولم يكن عن طريق نص معين أو إلحاق المسألة به عن طريق علة القياس.
النوع الثاني - مصلحة شهد لها أصل كلي بالاعتبار:
مثاله: حد الشرب: هذه مسألة لها حد مقدر في الشرع، فقد كان الشارب يُحدُ أربعين واستمر ذلك في زمن أبي بكر - رضي الله عنه -.
ثم تتابع الناس فيه بعد ذلك في زمن عمر - رضي الله عنه - فنظر الصحابة في حكم هذه المسألة.
والمراد بالكلي هو الأصل الذي شهدت له مجموعة نصوص ..
فمثلاً: اعتبار المظنة في الأحكام أصل شرعي كلي، والدليل عليه الاستقراء.
إجراء الاستقراء: نظر أهل الاجتهاد في الشريعة فاستنبطوا منها:
١ - حرم الشارع الخلوة لأنها مظنة الزنا، وهو إقامة لمظنة الشيء مقام نفس الشيء، وإعطاء المظنة حكم المظنون.
٢ - ومثله جعل الشارع "الإِيلاج" في أحكام كثيرة يجري مجرى الإِنزال كما في إيجاب الغسل وغيره.
٣ - جعل من حفر بئرًا في محل العدوان فسقط فيها أحد، كالمردي رجلاً فيها، وإن لم يكن ثم مردي وهو إقامة السبب مقام المسبب وإعطاء المظنة حكم المظنون.
٤ - وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ينبذ التمر والزبيب جميعاً ونهى أن ينبذ الرطب والبسر جميعاً، وهذا نهي عن الخليطين لأن اجتمعهما مظنة السكر، فأقام المظنة مقام المظنون فأخذت حكمه.
٥ - ونهى عن بيع وسلف، وعن هدية المديان وعن ميراث القاتل وعن نكاح المحرم، وكل ذلك إعطاء المظنة حكم المظنون ..

الصفحة 433